يأتي محمد وأصحابه، وقد وهنتهم حمى يثرب، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغيظهم، ويريهم من قوته وقوة المسلمين ما يغيظهم، فرمل في الأشواط الثلاثة، من الركن الذي فيه الحجر إلى الركن اليماني، ومشى بين الركنين؛ لأنهم لا يرونه، وفي حجة الوداع رمل -عليه الصلاة والسلام- من الركن إلى الركن، يعني استوعب الشوط كامل بالرمل، وفي عمرة القضاء يمشي بين الركنين، فالذي استقر عليه الأمر استيعاب الأشواط الثلاثة بالرمل، وأنه لا يمشي بين الركنين.
هل يوجد من يقول: إنه يأتي الحجاج والعُمَّار وقد أنهكهم المرض أو وهنتهم الحمى لنفعل هذا الفعل؟ أو بمعنىً آخر أن هذه الحكم شرع لعلة، والعلة منصوصة وارتفعت العلة، هل يرتفع الحكم بارتفاعها؟
قال به ابن عباس على ما سيأتي، لا يرى الرمل في الطواف، حينما يقول: صدقوا وكذبوا، النبي -عليه الصلاة والسلام- رمل، لكنه لعلة ارتفعت العلة، فليس بسنة عنده.
الجمهور على بقاء الحكم، وأن هذا من الأحكام التي شرعت لعلة ارتفعت العلة وبقي الحكم، نظيره قصر الصلاة في السفر شرع لعلة، وهي الخوف: {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ارتفع الخوف، ارتفع الحكم وإلا بقي؟ بقي الحكم، فمن الأحكام ما شرع لعلة وارتفعت العلة مع بقاء الحكم.
وكان يسعى ببطن المسيل: يعني في المسعى يجري جرياً شديداً، حتى أن الركب لتبدوا من تحت الإزار؛ من شدة السعي إذا طاف بين الصفا والمروة، وكان ابن عمر يفعل ذلك.
سبب السعي بين الصفا والمروة: السبب في هذا السعي، منشأ هذا السعي، إحنا عرفنا علة الرمل، فما علة السعي؟
طالب: قيل أم إسماعيل.
أم إسماعيل، طيب.
أم إسماعيل كانت تتردد بين الصفا والمروة لتنظر هل جاء أحد؟ فإذا نزلت في بطن الوادي جرت جرياً شديداً، هذا هو السبب الذي ذكره أهل العلم.
السبب فعل امرأة، فهل يشرع للنساء السعي الشديد في المسعى أو لا يشرع؟
لا يشرع؛ لأن المشي أستر لهن، لكن إذا كان سببه صنيع امرأة .. ألا تكون النساء أولى به من الرجال؟ يعني الرجال يقتدون بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه فعله، الآن تروا المسألة تحتاج إلى انتباه، تحتاج إلى انتباه.