وثبت في الصحيح وغيره أن الصيام من أفضل الأعمال: ((الصوم لي وأنا أجزي به))، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً))، فهي من أفضل ما يفعل في العشر، ومع ذلك في مسلم تنفي عائشة أنه -عليه الصلاة والسلام- صام العشر، ومع ذلك كما يقول الإمام أحمد: ثبت عن بعض أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صام العشر، فلا يلزم من ثبوت الحكم أن يثبت بالقول والفعل؛ يكفي القول للأمة، وقد يترك النبي -عليه الصلاة والسلام- الفعل شفقة ورأفة بأمته، كما ترك قيام رمضان -عليه الصلاة والسلام- تركه جماعةً؛ لئلا تفرض على الناس فيعجزوا عنها، صلى بهم ثلاث ليال ثم ترك.
ثم قال الإمام -رحمه الله تعالى-:
وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا يزيد -يعني ابن زريع- قال: حدثنا حبيب المعلم عن عطاء عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان: ((ما منعك أن تكوني حججت معنا؟ )): يعني هل قول عطاء: يقال لها أم سنان ينافي قوله في الطريق الأول فنسيت اسمها؟
قد يقول: إنه ما زال ناسياً للاسم؛ هذه هي الكنية، ويكون تحديث عطاء في مجلس واحد، نسيَ الاسم ولم ينسَ الكنية؟ لا السياق يدل على أنه نسيَ الجميع في الطريق الأول.
يقال لها أم سنان: ((ما منعك أن تكوني حججت معنا)) قالت: "ناضحان كانا لأبي فلان –زوجها- حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا": يسقي عليه غلامنا: في بعض الروايات: وكان الآخر يسقي غلامنا، بدون عليه، يسقي غلامنا بدون الجار والمجرور، وهو لا بد منه، والقاضي عياض يقول: إن هذه الكلمة مصحفة "يسقي عليه غلامنا"؛ صوابها: "نسقي عليه نخلاً لنا"، بدل: "يسقي عليه غلامنا".
لكن لا داعي لتخطئة الرواة، مع أنه ثبت في النسخ الصحيحة الموثقة، ومعناه ظاهر، والمعنى لا يختلف سواءً قال: يسقي عليه غلامنا، أو يسقي النخل، لا يختلف مع ما صوب به القاضي عياض: "نسقي عليه نخلاً لنا"، والأصل ما ثبت في الروايات الصحيحة.
قال: ((فعمرة في رمضان تقضي حجة)): يعني تعدل حجة، كما في الرواية الأخرى.