نعم البقاء والمكث هناك ومضايقة الناس لا شك أنه يحتاج إلى عناية ودراسة، أما مجرد أن الإنسان يأخذ عمرة في رمضان ويرجع هذا يحصل له الفضل العظيم، ولا يترتب على ذلك أثر من حيث مزاحمة الناس، ويلاحظ أنه في المضايق كثير من الناس تسوء أخلاقه، يذهب الإنسان لطلب الثواب والأجر من الله -جل وعلا- ومع ذلك يحصل منه ما يحصل من مخالفات، حتى أنه وجدت المضاربة والمشاتمة داخل المسجد، بسبب الزحام والجهل، حتى أنه في آخر لحظة -قبل غروب الشمس بدقائق من آخر يوم من رمضان- يحصل الجدال، بل الضرب أمام الكعبة، هذا سببه الجهل، الإنسان لا يتصور لماذا جاء، هل جاء ليطلب ما عند الله جل وعلا؟
وسمعنا من يتواعدون بعد الصلاة ليخرجوا إلى الحل ليتضاربوا، والله هذا الحاصل، هذا الحاصل، يعني الإنسان ما أدري كيف يتصور العبادة وكيفية أدائها!! بعض الناس يحرص على الخير بالجملة، لكن يبقى أنه كيف يفقه تأدية هذا الخير.
نعم في آخر لحظة من رمضان يتواعدون في عرفة، هذا يبقى في بيته أفضل له، مثل هذا يبقى في بيته، ويبقى أن الحكم إلى قيام الساعة، ((عمرة في رمضان تعدل حجة))، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال هذا الكلام ما اعتمر في رمضان وهو أحرص الناس على الخير؟
لكنه أشفق الناس على أمته، وهو أرحم الناس بخلق الله، لو تُصوِّر أنه اعتمر في رمضان مع هذا الوعد العظيم لما قر قرار لمسلم إلا أن يعتمر في رمضان، وحصل من ذلك الحرج والمشقة الشديدة، كما تأسف -عليه الصلاة والسلام- من دخول الكعبة، تأسف أنه دخل الكعبة؛ لئلا يشق على أمته، فتركه للعمرة في رمضان ليس من باب الزهد في الخير، وإنما شفقة على أمته؛ إذ لو تضافر القول والفعل منه -عليه الصلاة والسلام- لتقاتل الناس على العمرة في رمضان، وقل مثل هذا في صيام العشر؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) حتى فضلت على الجهاد.