وحدثنا قتيبة بن سعيد، قال حدثنا جرير، عن بيان، عن وبرة قال: سأل رجل ابن عمر -رضي الله عنهما- أطوف بالبيت وقد أحرمت بالحج؟ فقال: "وما يمنعك؟ " قال: إني رأيت ابن فلان -يعني ابن عباس- يكرهه وأنت أحب إلينا منه، رأيناه قد فتنته الدنيا فقال: وأينا أو أيكم لم تفتنه الدنيا؟: ابن عمر عازف عن الدنيا، وابن عباس تولى بعض الولايات، وعامة الناس يحسنون الظن بمن لا يلتفت إلى الدنيا وأهلها، يعني ابن عباس على كلامه مالت به الدنيا ومال بها بخلاف ابن عمر عاش زاهداً متعففاً لم يتولَّ ولاية، بخلاف ابن عباس تولى الولاية، وعامة الناس لا شك أنهم يحسنون الظن بمن لم يتولَّ ولاية؛ لأن الولاية في الغالب عدم السلامة من تبعاتها، ولذلك لما دخل ابن عمر على ابن عامر يزوره –يعوده- وهو مريض وطلب منه أن يدعو له، فقال: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنت على البصرة": يعني في الغالب أنك إذا تصدقت فلا تسلم من شيء من الغلول، يعني طبيعة الولايات الإنسان يصعب عليه التحرز والتخلص منها؛ لأنه مال خلي بينك وبينه بلا حسيب ولا رقيب؛ نعم، في أول الأمر تأخذ على سبيل القرض على أن ترد، ثم تسترسل إلى أن تقع فيما وقع فيه غيرك، وهذا ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، يقول: "وأنت أحب إلينا منه رأيناه قد فتنته الدنيا، فقال: وأينا أو أيكم لم تفتنه الدنيا؟: ما في أحد ما هو بمفتون، لكن فتن دون فتن، ((فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة .. ))، لكن هناك فتن عظمى كبرى، لا بد من التخلص منها.
ثم قال: "رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحرم بالحج، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، فسنة الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أحق أن تتبع من سنة فلان إن كنت صادقاً": وهذا الاحتمال كما سبق، إن كنت صادقاً في النقل عنه، أو كنت صادقاً في اتباعك للنبي -عليه الصلاة والسلام-.