سمعت كلامك مع أصحابك فسمعت بالعمرة، قال: ((وما لكِ؟ ))، قلت: لا أصلي: هذه كناية عن الحيض، هذه كناية عن الحيض، ولا شك أن الأدب في مثل هذا مطلوب، لكن عند الحاجة إلى التصريح لا بد من التصريح إذا كانت الكناية لا تكفي، ولذا الرواة كلهم نقلوا عن ماعز قوله: "إني زنيت"، مع أنه المفترض أن يقول الراوي: إنه زنى، لكن لو تواطئوا على نقل: إنه زنى لما تعين أن الزاني هو ماعز، لكن عندما يراد اللفظ لذاته لا بد من التصريح به، ولذا قالوا في حديث أبي طالب -عند تلقين النبي -صلى الله عليه وسلم- إياه الشهادة ولم يقبل- قال: هو، قالوا -كل الرواة يقولون-: "هو على ملة عبد المطلب"؛ لأن الراوي يتحاشى أن ينسب الكفر لنفسه، وهنا قالت: "لا أصلي"، ومع الأسف الشديد يوجد من النساء من يصرح بأمور لا يستطيع الرجال التصريح بها لا سيما مع وجود الهاتف وما الهاتف تصرح بأشياء وتفاصيل ودقائق حتى يخطر على البال أنها مغرضة في سؤالها، وأنها تريد أن تفتن المسؤول، هذا مع الأسف الشديد موجود في بعض النساء، وهنا عائشة تقول: "لا أصلي"، تقوله لمن؟ لبعيد من الناس؟ لزوجها!
قال: ((فلا يضرك، فكوني في حجك، فعسى الله أن يرزقكيها)): يعني العمرة التي هي مع حجك، ((وإنما أنت من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن)) قالت: "فخرجت في حجتي حتى نزلنا منى، فتطهرت ثم طفنا بالبيت، ونزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المُحصَّب": يعني بعد أن أنهى أعمال الحج ولم يبق إلا الوداع، خرج من منى آخر أيام التشريق فنزل بالمحصب، وهو بعد منى.
فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: ((اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة، ثم لتطف بالبيت فإني أنتظركما هاهنا))، قالت: فخرجنا فأهللت، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في منزله من جوف الليل": على ما وعد ينتظر، جاؤوا وهو في منزله من جوف الليل، لكن هل تخلل ذلك أنه نزل إلى مكة وطاف للوداع وخرج إلى منزله، وما جاء في كونه لقيته عائشة مصعد منهبطة على ما سيأتي؟