قال: وأنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- الوحي فستر بوثبٍ، ستره عمر -رضي الله عنه-، وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، قَالَ: فَقَالَ عمر كما في بعض الروايات: أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يا يعلى وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ؟ قَالَ: فَرَفَعَ عُمَرُ، يعني أجاب بنعم، ومثل هذا يحذف كثيراً للعلم به، قال: فرفع عمر طَرَفَ الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وهذا يجزم بأن عمر يعلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يكره أن يطلع عليه في هذه الحال، فرفع عمر طرف الثوب فنظرت إليه لَهُ غَطِيطٌ، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: كَغَطِيطِ الْبَكْرِ، إما الفتي من الإبل، أو البكرة التي هي التي يستخرج بها الماء وشبهه؛ لكن أكثر الشراح على أنه الفتي من الإبل، له غطيط، وهو الشخير الذي يحدث للنائم، وذلكم من قوة ما يلقى إليه -عليه الصلاة والسلام- وثقله {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [(5) سورة المزمل] لكن من يستشعر مثل هذا الثقل مع ضعف القلوب؟ ضعف المورود، النبي -عليه الصلاة والسلام- له غطيط، ويقرأ القرآن في غير هذه الحالة، ويبكي -عليه الصلاة والسلام- ولصدره أزيز كأزيز المرجل، والواحد منا يقرأ القرآن من أوله إلى آخره لا يحرك فيه ساكن؛ لأننا لا نستشعر قوة الوارد، وضعف المورود موجود، والله المستعان، كغطيط البكر قَالَ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: ((أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ الْعُمْرَةِ؟ )) أين السائل عن العمرة؟ كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ الجواب: ((اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ)) أَوْ قَالَ: ((أَثَرَ الْخَلُوقِ)) فالطيب الذي يكون في الثياب لا بد من إزالته، أما الطيب الذي يطيب به البدن قبل الإحرام لا يزال، لا تلزم إزالته، فعائشة كانت تطيب النبي -عليه الصلاة والسلام- لإحرامه قبل أن يحرم، وكانت ترى وبيص الطيب في مفرق النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الإحرام، وهناك فرق بين ما على البدن وما على الثياب، فما على الثياب لا بد من غسله وإزالته، ((اغسل عنك أثر الصفرة)) أو قال: ((أثر