واحتجوا بحديث أم سلمة - رضي الله عنها - عند أبي داود من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة - رضي الله عنها - وفيه: «إن هذا يوم رخص لكم فيه إذا أنتم رميتم جمرة العقبة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه» ولكن هذا الحديث فيه أبو عبيدة (فيه جهالة).
وهذا الحديث هو الذي فيه: «فإذا لم تطوفوا قبل أن تمسوا عدتم حرمًا كهيئتكم قبل أن ترموا جمرة العقبة» وهذا فيه نكارة كبيرة جدًا.
واحتج بعض المتأخرين بما رواه أحمد وغيره من حديث عروة والقاسم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (طيبت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة) احتج بهذا الشيخ الألباني قال: حين رمى جمرة العقبة صريح أنه تطيب وهذا يدل على أن الإحلال يحصل بالرمي وحده!.
ونقول: لكن هذا الحديث أصله في الصحيحين (طيبت النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت) وفرق بين السياقين! ولفظ أحمد شاذ والمحفوظ ما في الصحيحين.
ثم نقول: كيف يتطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويذهب إلى بدنه ويذبح ثلاثًا وستين بدنة، وما فيها من الدماء والتعرض للروائح ومخالطة الدواب؛ لا يمكن أن يكون.
ولذا قال البخاري في صحيحه: «باب الطيب بعد الحلق قبل الإفاضة» وذكر حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي ذكرته قريبًا هذا.
وكذلك احتج من قال بأنه يتحلل بالرمي وحده بأثر عمر - رضي الله عنه - عند مالك والبيهقي: «إذا رمى الرجل الجمرة فقد حل له كل شيء» ولكن هذا الحديث رواه مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر - رضي الله عنه -: (إذا رميتم وحلقتم) ففيه إضافة وحلقتم فيحمل اللفظ الأول على هذا.