الحديث الرابع والخمسون
ماذا على من أُحْصِر؟
وَعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. [رَوَاهُ البًخَارِيُّ] (?).
هذا الحديث في صلح الحديبية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أُحْصِر نحر - صلى الله عليه وسلم - ثم حلق وأمر أصحابه بذلك، وَذِكْر المؤلف له هنا فيه شيء من الإيهام فمن قرأ ظن أن هذا في حجة الوداع، وعلى كل حال إن كان الإنسان قد أُحْصِر عن البيت فإنه ينحر إن كان معه شيء قد أهداه، وإن لم يكن معه يلزمه عند أهل العلم أن يشتري هديًا - شاة - فإن لم يكن معه مال، لفقره فإنه يصوم عشرة أيام قياسًا على هدي التمتع، وهذا ذهب إليه الأصحاب، ولكن الصحيح إن المحصر إذا لم يكن عنده شيء يشتري به الهدي فإنه يكتفي بحلق رأسه، ولو كان الصوم واجبًا لأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وَبَيَّنَه، ثم إن أكثر الصحابة - رضي الله عنهم - الذين حجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا فقراء، وَفَرَّقَ بين الهدي في الإحصار والهدي في التمتع، فدم التمتع دم شكران على إتمام النسك وأما دم الإحصار فهو هدي عن الحصر في النسك فلا يمكن القياس، وهنا نحب أن نبين أقسام الدماء:
- فقسم يذبح في الحرم ويجوز أن يوزع خارج الحرم كهدايا التمتع والقران ففي حديث جابر - رضي الله عنه - «كلوا وتزودوا» (?).
- وقسم يذبح داخل الحرم ويوزع داخل الحرم كالدماء التي لترك واجب.
- وقسم يسوغ ذبحه خارج الحرم، كهدي الإحصار حينما يذبح في محل الحصر، وكفدية الجزاء فهذا يوزع حيث يذبح، ولا مانع من نقله إلى مكان آخر.