أما من وجد ما يشتري به الزاد والراحلة وهو محتاج إليه لدين عليه لم يلزمه الحج، سواء كان الدين حالاً أو مؤجلاً، بمعنى: أنه لا يجوز له أن يدفع تذكرة الطائرة أو الباخرة أو السيارة التي سيسافر بها؛ لأن عليه ديناً، ويلزمه أن يسدد هذا الدين إذا حل وقت الدين، وأما إذا كان الدين مؤجلاً، ولكن صاحبه يطلبه منه، فمثلاً: أنت عليك عشرون ألف جنيه ديناً، ومعك الآن عشرة آلاف جنيه قد تستطيع أن تحج بها، ولكن صاحب الدين قد يطلب منك هذا المال في أي وقت، فهل يجب عليه الحج؟ الراجح: أنه لا يجب عليه، لكن إن كان الدين مؤجلاً واستأذن من صاحب الدين وأذن له جاز له أن يحج، وأما إذا كان الدين حالاً لم يلزمه أن يحج، ولصاحب الدين أن يمنعه من الحج حتى يأخذ منه ماله؛ لأنه سيصرف ما معه في الحج ولن يجد ما يقضي به الدين؛ ولأن حق الآدمي المعين أولى بالتقديم لتأكده، والله تعالى لم يوجب عليه الحج إلا مع الاستطاعة، وإذا رضي صاحب الدين بتأخيره إلى ما بعد الحج لم يلزمه، أي: لم يجب عليه الحج، فلو فرضنا أن عليه ديناً ومعه مال، والمال يكفي، فإما أن يسدد دينه وإما أن يحج به، وصاحب الدين أذن له بالحج، فهل يصير الحج بهذا الإذن واجباً عليه؟ الراجح: أنه لا يجب عليه؛ لأن الأولى أن يسدد دينه بهذا المال، ولأنه قد يحج وقد يموت فلا يجد صاحب الدين من يقضي له دينه.