ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قبل هجرته، وقبل أن يفرض عليه الحج مرتين قبل أن يهاجر إلى المدينة، وهاتان الحجتان لم تكونا فرضاً على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما حج وهو في مكة عليه الصلاة والسلام، وكان يأتي الموسم ويدعو الناس إلى دين الله تبارك وتعالى.
ثم فرض عليه الحج بعد ذلك في العام التاسع؛ لقوله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97]، فحج مرةً واحدة صلوات الله وسلامه عليه بعدما فرض الحج.
روى الترمذي وابن ماجة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجةً بعد ما هاجر، ومعها عمرة).
إذاً: بعد أن هاجر حج حجةً واحدة عليه الصلاة والسلام ومعها عمرة، وقد اعتمر قبل ذلك صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: مرتين دخل واعتمر، ومرة لم يدخل، أي: في الحديبية حين حصر.
وقد ساق ثلاثاً وستين بدنة وجاء علي من اليمن ببقيتها، فمجموع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان مائة بدنة -أي: مائة ناقة- ساق معه من المدينة ثلاثاً وستين، وأتى علي بن أبي طالب من اليمن للنبي صلى الله عليه وسلم بسبع وثلاثين.
ومن ضمن هذه البدن التي أهداها النبي صلى الله عليه وسلم جمل لـ أبي جهل في أنفه برة من فضة، أي: حلقة من فضة، فنحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر من كل بدنة ببضعة فطبخت وشرب من مرقها، أي: أن المائة الناقة نحرها النبي صلى الله عليه وسلم فنحر بيده الكريمة ثلاثاً وستين ناقة، وأكمل علي الباقي، وأمره أن يأخذ من كل ناقة ومن كل بدنة ببضعة أي: قطعة من اللحم، ويجعلها في وعاء أو في قدر، وطبخت وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وشرب من مرقها.