إذا كان الإنسان من أهل مكة وأراد الحج فيحرم من مكانه، وإذا أراد العمرة فلا بد أن يخرج إلى الحل؛ لأنه لابد في العمرة وفي الحج أن تجمع بين الحل والحرم، أي: بين المكان الذي هو الحل والمكان الذي هو الحرم، ففي الحج ستخرج إلى عرفات، وعرفات من الحل، ولذلك في الحج أحرم من مكانك الذي أنت فيه في مكة؛ لأنك ستخرج إلى الحل، لكن العمرة ستكون داخل الحرم، فكان لزاماً أن تخرج للإحرام من الحل: من التنعيم، أو من الجعرانة، من أقرب وأدنى الحل إلى مكة.
إذاً: إذا كان المسلم مستوطناً مكة أو عابر سبيل وأراد العمرة فميقاته أدنى الحل، والمستحب أن يكون هذا الميقات هو الجعرانة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها، أو من التنعيم؛ لأنه أمر عائشة أن تعتمر منها، أو من أدنى الحل إلى مكة، كل هذا جائز، ولكن الأفضل الجعرانة ثم التنعيم.
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي كانت مع حجته)، وذكر لـ عمر هذا فقال: (عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته في ذي الحجة)، لكن إحرامه صلى الله عليه وسلم كان في ذي القعدة، وقدم لصبح رابعة من ذي الحجة، لكن إحرامه كان في ذي الحليفة لخمس بقين من ذي القعدة.
وأيضاً في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم).