استحباب نزول الرفقة مجتمعين وكراهة تفرقهم لغير حاجة

يستحب للرفقة في السفر أن ينزلوا مجتمعين، وقد نبهنا على هذا من قبل، وقلنا: ما دام أنكم مجموعة مسافرون في (باص) أو في سيارة ونزلتم في مكان، فلا يذهب كل واحد في مكان؛ لأن السائق عندما يريد أن يمشي قد يتأخر بسبب البحث عنهم؛ لأنهم متفرقون، فينبغي أن يجتمعوا في مكان واحد، ولعله إذا انفرد واحد منهم أن يضيع، وقد لا يجدونه، خاصة إذا كان معهم أطفال، وكم رأينا من رحلات تتعطل الرحلة بسبب الأطفال، كمن نزل بأولاده وأرسل ولده إلى مكان فذهب ابنه ولم يرجع، فالرحلة كلها تتعطل بسبب هذا، يبحث هذا عنه وهذا عنه، ويتأخرون في طريقهم بسبب ذلك، فالمستحب في ذلك إذا نزلوا في مكان أن يكون الجميع قريبين بعضهم من بعض؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: (كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان)، أي: الشيطان يدعوكم لهذا: تفرقوا واذهبوا بعيداً، فتجد الواحد يقول لك: اتركني أذهب حيثما أريد، وعندما تريدني سآتي إليك: يا أخي! من أين آتي بك عندما أريدك؟! فهذا يذهب إلى مكان وهذا يذهب إلى مكان، كأن الشيطان يلقي في قلوبهم ذلك، وهذا يقول لك: سنذهب إلى المطعم الفلاني أو إلى المكان الفلاني، وتفرق الجميع، وجاء وقت المسير فلم يجدهم السائق، فتتعطل الرحلة، وأحياناً يظلون منتظرين ثلاث إلى أربع ساعات، و (الباص) واقف في المكان، ويأتي وقت المرور وصاحبنا ليس موجوداً، ويبحثون عنه فلا يظهر إلا بعد أن عطل الجميع، ولعل هذا الذي أخرهم وعطلهم يجعلهم يبيتون في ذلك المكان؛ فيبيتون يدعون على هذا الذي عطلهم، فلا تكن كذلك، واعلم أن يدعو لهذا هو الشيطان، فالشيطان يوسوس لإنسان منهم في قلبه: أنت اذهب بعيداً عنهم، وهم ليسوا محتاجين لك، فيذهب بعيداً فيتأخر الناس بسببه.

ومثل هذا الشيء يجعل البغضاء في القلوب، فتجد المسافرين قد أخذوا في نفوسهم على فلان؛ لأنه دائماً في كل مكان يعطلهم، ويمكن أن تحدث في أثناء الطريق المشاجرات بسبب هذا الأمر.

يقول صلى الله عليه وسلم: (إن تفرقكم في هذه الشعاب والأدوية إنما ذلكم من الشيطان، قال أبو ثعلبة: فلم ينزلوا بعد ذلك منزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015