وخلاصة القول أن المبيت بالمزدلفة نسك بالإجماع، وهو واجب على غير المعذور وليس بركن، فلو تركه صح حجه وعليه دم.
ودليل الوجوب قول الله عز وجل: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة:198] فهنا أمر بالذكر الذي يستلزم أن يكون هنالك عند المشعر الحرام، ولم يذكر أنه إذا لم يفعل ذلك بطل حجه، فدل على أن هذا واجب وليس ركناً من الأركان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)، فقوله: (من شهد صلاتنا هذه) أثبت أن الذي يقف في المزدلفة قد أتم حجه، والذي وقف قبل ذلك بعرفة جزءاً من الليل أو من النهار وشهد معنا الآن دليل على أنه شهد عرفات في جزء من الوقت المشروع للوقوف فيها.
ودليل عدم الركنية قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة فمن جاء قبل ليلة جمع فقد تم حجه)، وهذا الحديث الصحيح رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجة، وأحمد وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر، وذكر القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحج عرفة فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج) ثم قال: (أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه)، قال: (الحج عرفة فمن جاء قبل ليلة جمع فقد تم حجه)، يعني قبل انقضاء ليلة جمع التي هي ليلة المزدلفة، فمن جاء إلى عرفات قبل أن تنقضي هذه الليلة فقد تم حجه.