أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
وصلنا في الحديث السابق إلى حرم مكة، وذكرنا ما فيه من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها: أن الله عز وجل حرم مكة ولم يحرمها أحد من خلقه، وأنها لم يحل فيها القتال لأحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحل لأحد من بعده عليه الصلاة والسلام، وأنه ما حل له إلا ساعة من نهار صلوات الله وسلامه عليه، وأن التحريم من الله سبحانه حين خلق السماوات والأرض، وأظهر هذا التحريم إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام في دعائه لمكة.
وكذلك الله سبحانه تبارك وتعالى حرم المدينة على لسان النبي صلوات الله وسلامه عليه بدعائه، فشرفها وحرم ما بين جبليها طولاً، وما بين لابتيها عرضاً، ولابتا المدينة -لابة عن اليمين ولابة عن الشمال- أرض مكسوة بحجارة سوداء، توجد واحدة في شرق المدينة والأخرى في غربها، فحرم المدينة ما بين جبلي المدينة من عير إلى ثور، وهما جبلان: جبل في شمال المدينة، وجبل في جنوبها، ومن الشرق والغرب ما بين اللابتين المذكورتين في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، لابة شرقاً، ولابة غرباً.
فقد جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك محصلها، أنه يحرم صيد المدينة، وقطع شجرها، مثل حرم مكة، فلا يجوز الصيد فيها، ولا قطع شجر الحرم، وكذلك حرم المدينة لا يجوز الصيد فيها، ولا قطع شجرها.