الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
وبعد: فقد تكلمنا عن المحرمات في الإحرام، وذكرنا أنه يحرم على الرجل من اللباس: أن يستر رأسه، سواء بعمامة أو بقلنسوة أو بغير ذلك.
ويحرم عليه في بدنه: أن يلبس القميص، والسراويل، والكتان، والخف، ونحو ذلك مما يسميه الفقهاء: بالمخيط، وبينا معنى كلمة المخيط أنها: الثياب التي تكون مقدرة مفصلة على قدر البدن، أو على قدر عضو من أعضاء البدن، ولا يشترط أن تكون مخيطة بخيط، بل سواء كانت مخيطة بخيط، أو كانت فيها دبابيس، أو كانت ممشوقة أو غير ذلك، طالما أنها ثياب على قدر عضو، أو على قدر الأعضاء فهذا هو المخيط الذي منعنا من لبسه في الإحرام.
ولو أن رجلاً كان عنده عذر في لبس المخيط، كإنسان في رجليه ألم أو مرض، ويحتاج لأن يلبس الخف، أو لأن يلبس نوعاً معيناً من الجوارب في قدميه، فيجوز أن يلبس ولكن عليه الفدية؛ لقول الله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196] فإذا كان مريضاً، أو به أذى من رأسه، فهو معذور في أن يزيل هذا الأذى، أو أن يحلق رأسه، أو أن يلبس ثياباً، ولكن عليه الفدية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى.
أما المرأة فيجوز لها أن تلبس ما شاءت من الثياب الشرعية التي لا تصف بدنها، ولا تشف عما تحتها، والتي تغطيها وتسترها ما عدا الوجه والكفين، فإذا كانت في وسط الرجال فإنها تسدل ما على رأسها من طرحة وغيرها على وجهها، من أجل أن تواري وجهها، وكذلك الكفين ليس لها أن تلبس القفازين؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولكن إذا كانت في أثناء الطواف أو غيره وحاذت الرجال جاز لها أن تستر يديها بثيابها، ولكن لا تلبس القفازين؛ لمنع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.
وكذلك منع لبس الثياب التي مسها الورس والزعفران، والورس والزعفران: نوعان من النبات لهما رائحة طيبة، وتصبغ الثياب بهما فيغيران اللون الأصفر أو اللون الأحمر، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء من لبس ذلك.