من الأحاديث التي ذكرت فيها محظورات الإحرام ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته) والوقص: هو دق العنق، فقد كان الرجل محرماً، وراكباً على ناقته، فرمت به من فوقها، كأن يدها غرزت في شيء أو نحوه فسقط الرجل واندق عنقه فوقصته.
قال: (فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)، إذاً: المحرم يوم القيامة يبعث ملبياً، فنهاهم أن يخمروا رأسه.
إذاً: ليس لك أن تغطي رأسك في الإحرام، وكذلك إذا كان الإنسان محرماً وتوفي فلا يجوز أن يغطى رأسه، فالحي والميت ممنوع من ذلك، والأحياء الذين يغسلونه ويكفونه ممنوعون من أن يغطوا رأسه، لكن جاء في رواية لهذا الحديث: (ولا تخمروا رأسه ولا وجهه)، فذكر الوجه، فهل الحي لا يجوز له تخمير وجهه؟ الراجح: أن هناك فرقاً بين الحي والميت، فالحي إذا غطى وجهه فإنه يستطيع أن يمتنع من تغطية رأسه، فلو جاءت رياح في الطريق فرفع ثوبه على وجهه فمن الممكن ألا يغطي رأسه بذلك، أما الميت فإنه يدرج في كفنه، ولو أنهم غطوا وجهه فسيغطي رأسه أيضاً، أو جزء من رأسه، فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية الوجه كأنه احتراز من تغطية شعره ورأسه.
ولذلك جاء عن الصحابة أن بعضهم كان يغطي وجهه في الإحرام، فلو علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من ذلك لما فعلوه، وكونه ينهى عن تغطية وجه الميت لهذه العلة، وهي أن الميت كيف سيغطى وجهه ثم يدرج ويلف في كفنه؟ فإنهم إذا لفوا الميت في كفنه سيغطون وجهه ورأسه من الوراء كله كذلك، فنهاهم أن يفعلوا ذلك.
أما الحي فقد جاء عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يغطي وجهه في أثناء الإحرام.