أجمع المسلمون على تحريم حلق شعر الرأس للمحرم، والرجل والمرأة في ذلك سواء، وكذلك يجب على ولي الصبي المحرم أن يمنعه من إزالة شعره، فإذا كان هناك صبي صغير مع أبيه في الحج أو العمرة فإنه يمنعه من ارتكاب محظورات الإحرام، كقص الأظفار وقص الشعر.
لا يختص التحريم بالحلق ولا بالرأس، فهنا قال: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة:196]، وإجماع أهل العلم على أنه لا يحلق شعر رأسه ولا شعر بدنه، فلا يأخذ من إبطه ولا عانته ولا أظفاره، هذا كله ممنوع منه، وإزالة الظفر كإزالة الشعر، سواء حلق الشعر بالموسى، أو قصه بالمقص، أو وضع مزيلاً أو أزال الشعر كل هذا ممنوع منه، فإزالة الشعر بأي صورة من الصور ممنوع منها بعد الإحرام.
وإزالة الظفر كإزالة الشعر، سواء قلمه أو كسره أو قطعه كل ذلك حرام، وتجب به الفدية، فسواء أتى بالمقص وقص ظفره، أو كسر ظفره، أو قرض ظفره بأسنانه، كل هذا ممنوع منه في الإحرام وعليه الفدية إذا فعل ذلك.
ولو كشط المحرم جلدة الرأس، كما لو كان يحك شعره فكشط جلدة الرأس وعليها شعر، فهناك فرق بين تعمد قص الشعر أو نتفه، وبين كشط الجلدة؛ إذ لا يمكن أن إنساناً يتعمد ويحك حتى يكشط الجلد من رأسه وعليها شيء من الشعر، والراجح: أنه لا شيء عليه؛ لأن هذا ليس تعمداً لإزالة الشعر، ولكن لما حدث الكشط في الرأس أزيل الشعر بسبب ذلك، فهو تابع وليس مقصوداً.
ولو مشط رأسه ولحيته فنتف شعرات متعمداً لزمته الفدية: والإنسان قد يترجل في إحرامه بالمشط، وإن كان شعره طويلاً فلينتبه لنفسه، ويحترز أن يقطع شعره، فإذا فرضنا أنه امتشط فقطع شعره، أو امرأة تسرح شعرها متعمدة فقطعت شيئاً من شعرها، فعليه وعليها فدية في ذلك.
ولو أنه لم ينتبه، فأخذ المشط وسرح لحيته فسقط منها شعرات فلا شيء عليه، لكن التعمد هو الذي يلزم صاحبه الفدية.
وإن جهل المحرم أو نسي فأخذ من شعره أو أظفاره فلا فدية: فالجاهل إن لم يعرف الحكم، أو الناسي لهذا الحكم، فعلى الراجح من أقوال أهل العلم أنه إذا نسي أو جهل فلا شيء عليه.
ولو حلق المحرم رأس الحلال جاز ولا فدية: لو فرضنا أن هذا المحرم يعمل حلاقاً، وفي أثناء الإحرام بعض الناس الذين أنهوا عمرتهم وهو لا زال محرماً أرادوا أن يحلقوا فحلق لهم وهو محرم وهم قد صاروا حلالاً الآن، جاز له أن يحلق لهم، ولا شيء عليه في ذلك.
ويحرم على المحرم قلم أظفاره، ويجري مجرى حلق الرأس: فيحرم عليه أن يقلم من أظفاره، وهذا جارٍ مجرى حلق الرأس، وعليه الفدية إذا فعل ذلك.
ويجوز للمحرم أن يحك رأسه: إنسان احتاج أن يحك رأسه فإنه يجوز له في أثناء إحرامه أن يفعل ذلك.
والحك نقل فيه ابن المنذر الجواز عن ابن عمر وجابر وسعيد بن جبير والثوري وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق وغيرهم من العلماء، وقالوا: برفق.
أي: إذا كان يحك شعره أو لحيته فليكن برفق حتى لا يقلع شيئاً من شعره.