الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: فإننا سنذكر في هذا الدرس حجة الوداع كما في سياق حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في قصة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الحجة الوحيدة التي حجها صلى الله عليه وسلم بعد هجرته.
والسياق الذي ذكره جابر بن عبد الله هو من أكمل السياقات لحجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه كان له اعتناء خاص بهذه القصة، ولذلك ذكرها بطولها.
يقول الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم: حديث جابر رضي الله عنه وهو حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد، وهو من أفراد مسلم؛ لم يروه البخاري في صحيحه، ورواية أبي داود كرواية مسلم.
قال القاضي عياض: وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزء كبيراًَ، وخرج فيه من الفقه مائة ونيفاً وخمسين نوعاً، ولو تقصي لزيد على هذا القدر قريب منه.
فهذا الحديث فيه فوائد فقهية كثيرة جداً، وبعضها ذكرها الإمام النووي في شرحه الحديث، وأيضاً ذكرها الحافظ ابن حجر في سياق أحاديث حج النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا ذكرها صاحب عون المعبود في شرح هذا الحديث.
وسياق الحديث بكماله رواه الإمام مسلم في صحيحه كما ذكرنا، وأيضاً رواه الإمام أبو داود بطوله، ورواه الإمام أحمد أيضاً، ورواه ابن ماجة بطوله.
وهذا الحديث استقصى طرقه ورواياته العلامة الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه (حجة النبي صلى الله عليه وسلم)، فذكر سياق حديث جابر، واستوفى كل ما وصل إليه من ألفاظ في الحديث، ونذكر رواية مسلم، والزيادات التي على هذه الرواية مما نحتاج إليه في الفقه، فهناك زيادات كثيرة موجودة وهي معان مترادفة، فلا نحتاج إلى معان مترادفة، ولكن نذكر ما نحتاج إليه كفقه في الحديث نفسه، فنذكر الزيادات التي يحتاج إليها في ذلك، ومن شاء الألفاظ التي استوعبها الشيخ الألباني فليرجع إلى روايات حديث جابر التي ذكرها العلامة الألباني رحمة الله عليه.