وإذا مات المتمتع بعد فراغه من الحج وهو مؤجل للهدي ولم يكن أخرجه فما حكمه؟ فإن كان هذا المتمتع معه مال ولكن مات بعد المناسك فأهله يهدون عنه ما وجب عليه من ماله، وكذلك إن مات في أثناء الحج فلا يسقط الدم؛ لأنه وجب بالإحرام، وفيما ذكرناه قبل ذلك أنه يجب عليه الدم من تركته.
وإذا رجحنا أنه يجب عليه الدم بإحرامه بالحج، فلو أنه أحرم في الحج وقال: لبيك حجة ثم مات بعد ذلك فهذا متمتع وجب عليه دم بالتمتع ويكون ديناً لله عز وجل يخرجه أهله من ماله، وعلى قول الإمام أحمد يجب الهدي بالوقوف بعرفة، وكذلك يقول الإمام مالك، فحينها لا يجب عليه إلا إذا وقف بعرفة ثم مات بعد ذلك.
وذكرنا أن الراجح: أنه بتلبسه في الحج صار واجباً عليه الدم، ولو كان يجب عليه الصيام بدل الهدي ثم مات وعليه صيام صام عنه وليه، وهذا وارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فيستحب للأولياء أن يصوموا عنه، فإن مات قبل تمكنه منه سقط لعدم التمكن، كصوم رمضان ممن كان عليه صوم من رمضان ثم مرض في رمضان فأفطر في آخره وظل مريضاً حتى مات في شهر شوال، فهذا تمكن من القضاء أم لم يتمكن؟ لم يتمكن، وهل يجب عليه صوم؟ إذا مات لا شيء عليه، ولا يجب على ورثته أن يخرجوا من ماله شيئاً، لكن يستحب أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً، وكذلك هنا، أي: يستحب أن يهدي عنه الورثة أو يصومون، أما من توفي ولم يتمكن من الصوم لاستمرار مرضه وهو في الحج، وكان معسراً ولا يجد الهدي فهذا لا شيء عليه، فإن صاموا عنه كان حسنة لكن لا يجب، وإن تمكن من الصوم فلم يصم حتى مات فهو كصوم رمضان فيصوم عنه وليه، أو يطعم عنه عن العشرة الأيام التي تركها عن كل يوم مداً أو يطعم مسكيناً عن كل يوم، ويستحب صرفه إلى فقراء الحرم ومساكينه يعني: هذا الإطعام وهذا الهدي يجب ذبحه هنالك في الحرم، لكن الصيام سيصوم في أي مكان، فإذا صام في أي مكان فالإطعام بدلاً من الصيام فيجوز في أي مكان، لكن يستحب صرف هذا الإطعام إلى فقراء الحرم ومساكينه، فإن صرف إلى غيرهم جاز؛ لأن هذا الإطعام بدلاً عن الصوم الذي لا يختص بالحرم فكذا ما كان بدلاً عنه كما قدمنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم على وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.