توديع المسافر والدعاء له

يستحب التوديع في السفر، وذلك بأن يسلم المرء على أهله وعلى أصدقائه وأحبابه عند خروجه للسفر، ويدعو بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه أصحابه ويدعو به، فهذا عبد الله بن عمر كان إذا أراد أحدهم سفراً يقول له: ادن مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا، فيقول: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك).

فهنا المسافر مفارق للمقيم والمقيم مفارق للمسافر فيستحب لكل من الاثنين أن يقول للآخر: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)، والمعنى أنك تدعو لصاحبك أن الله عز وجل يحفظه، كأنك تقول: أجعل هذه الأشياء وديعة عند الله سبحانه، والله عز وجل إذا استودع شيئاً حفظه سبحانه وتعالى، فكأنك تدعو له ربه سبحانه وتعالى أن يحفظ له دينه وأمانته وعمله الصالح، ويديم عليه ذلك، وهو يدعو لك بمثل ذلك أيضاً.

وجاء عن أنس رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني أريد سفراً فزودني، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال: زودك الله التقوى)، كأنه يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم النصيحة، فدعا له أن يجعل الله زادك تقواه سبحانه وتعالى، قال: (زدني قال: وغفر ذنبك، قال: زدني بأبي أنت وأمي، -أي: أفديك بأبي وأمي- قال: ويسر لك الخير حيثما كنت).

فهذا دعاء عظيم جميل من النبي صلى الله عليه وسلم، فيعود المؤمن نفسه على أن يدعو لإخوانه، وأنت حين تدعو لأخيك يرد عليك الملك فيقول: آمين، ولك بمثله.

فهنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل: (زودك الله التقوى) أي: دعا له بالتقوى، والله عز وجل يحب المتقين، والله مع المتقين ومع المحسنين سبحانه، فإذا كنت من أهل التقوى كان الله معك.

فقال الرجل: (زدني، فقال: وغفر ذنبك) أي: دعا له بالمغفرة لذنبه، قال: (زدني بأبي أنت وأمي! قال: ويسر لك الخير حيثما كنت) أي: دعا له بخير الدنيا والآخرة.

أيضاً جاء عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله إذا استودع شيئاً حفظه) أي: إذا جعل شيء عنده سبحانه وديعة فإنه يحفظ هذه الوديعة ولا يضيعها، وكذلك هنا إذا استودعت صاحبك عند الله سبحانه فإنه لا يضيعها، فهو سبحانه يحفظ صاحبك من كل سوء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015