يجوز فسخ الحج إلى العمرة، فمن قال: لبيك حجةً، وبعد أن وصل للبيت بدا له أن يجعله عمرة، فيجوز له ذلك، بل يستحب لمن كان مفرداً أو قارناً إذا طاف وسعى أن يفسخ نيته بالحج وينوي عمرةً مفردة، فيقصر ويحل من إحرامه ليصير متمتعاً إن لم يكن وقف بعرفة.
أيضاً من طاف بالبيت وسعى جاز له أن يقلبها عمرة، وإن كان الأفضل أنه يفسخ قبل أن يطوف بالبيت، حتى تكون النية من البداية أن هذا طواف الركن للعمرة.
وفي الصحيحين عن جابر في صفة حجة الوداع قال: (حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة) وهذا فيه أنه يجوز للمرء بعد طوافه بالبيت أن يفسخ حجه ويجعله عمرة.
إذاً: من نوى الحج مفرداً، وطاف طواف القدوم ثم سعى بين الصفا والمروة السعي المجزئ عن الحج -لأنه يجوز أن يقدم السعي مع طواف القدوم ويطوف بعد ذلك طواف الركن الذي به الحج- فيجوز له أن يجعل ذلك عمرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر من فعل ذلك أن يجعله عمرة، فجاز مثل ذلك لأمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (من كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج مرتين) يعني: تجوز العمرة في أشهر الحج إلى الأبد في أي وقت من الأوقات وفي أي سنة من السنين، وليست خاصة بهؤلاء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
وأيضاً في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكر مثل ذلك ثم قال: (فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ فقال: حل كله).
كذلك في رواية أخرى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يجعلوها عمرة) كل ذلك يبين أنه يجوز قبل الطواف بالبيت أن يفسخ أعمال الحج إلى عمرة، وبعد الطواف بالبيت يجوز الفسخ أيضاً.
والله أعلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.