تجوز الاستنابة عن الميت إذا كان عليه حج وله تركة، وهناك فرق بين الإجارة والاستنابة، فالفرق بين الاثنين أن الإجارة مختلف فيها كما سيأتي، فإذا قلت لشخص: حج عني وسأعطيك أجرتك على هذا الحج، فالأجير مسئول عن كل ما سيحصل في هذا الحج، فإذا مات الأجير قبل إتمام الحج وكان معه مال فيقوم غيره بإكمال الحج، على تفصيل سنذكره، أما النائب عن غيره فهو الذي يحج من غير أجرة، ولكن من الممكن أن يعطي له رزقاً في أثناء الطريق، لكن لا يأخذ أجرة على عمله لهذه المناسك.
أما المعضوب فتلزمه الاستنابة، سواء طرأ العضب بعد الوجوب أو بلغ معضوباً واجداً للمال، فإذا كان عنده مال وهو معضوب فيلزمه أن يستنيب عنه أو أن يؤجر على ما سنفصل.
وإذا طلب الوالد المعضوب العاجز عن الاستئجار من الولد أن يحج عنه استحب للولد إجابته إن كان قادراً، ولا تلزمه إجابته، لكن لا يجب على الوالد المعضوب أن يطلب من ولده أن يحج عنه؛ لأن الحج فيه مشقة شديدة جداً، ولأن الابن قد يرضى وقد لا يرضى، لكن كونه يطلب من ولده أن يخدمه فإنه فرض على الولد أن يخدم أباه.
إذاً: إذا طلب الوالد المعضوب العاجز عن الاستئجار من الولد أن يحج عنه استحب للولد إجابته، ولا تلزمه إجابته، ولا يلزم الوالد الحج؛ لأنه ليس على الوالد في امتناع الولد من الحج ضرر، بخلاف ما إذا طلب الأب من الابن أن يعطيه طعاماً أو نفقة فإن عليه ضرراً في عدم تنفيذ ذلك، أما في الحج فإن الله يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]؛ لأن الحج حق للشريعة، فإن عجز عنه الأب فلا إثم عليه في ذلك ولا يجب عليه.