ومن أراد تمام الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فعليه أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس ليلة أحدى وعشرين، ويبدأ الاعتكاف من أول العشر الآخرة، سواء كان رمضان تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين يوماً، فهي تسمى العشر الأواخر.
ولو فرضنا أنه تيسر للمعتكف الدخول ليلة أحدى وعشرين فدخل ليلة اثنين وعشرين أو ثلاثة وعشرين، فلا يلزمه شيء وليس عليه شيء؛ فالاعتكاف كله سنة.
والراجح من أقوال أهل العلم وهو قول الجمهور: أنه يجوز أن يعتكف الإنسان ساعة فإذا أتيت إلى المسجد بين الظهر والعصر بنية الاعتكاف فلك أجر الاعتكاف، وهذا الصحيح لعدم وجود الدليل على المنع، أو إبطال الاعتكاف في أقل من يوم أو ليلة.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا يصح ذلك، ودليلهم وإن كان ليس نصاً في المسألة وليس ظاهراً فيها، لكن لعل فيه إشارة إلى ذلك، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه عمر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام وكان ذلك نذراً عليه، له: (أوفِ بنذرك)، فاعتكف ليلة وما جاء أقل من ذلك، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه منع من اعتكف أقل من ذلك.
فالاعتكاف يرجع للمعنى اللغوي وهو: اللبث والمكث في المسجد، فمن مكث في المسجد ولو وقتاً يسيراً بنية الاعتكاف فله الاعتكاف.
وأما كمال الاعتكاف فهو أن تعتكف العشر الأواخر من رمضان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما يتيسر ذلك، وأما إذا لم يتيسر لك ذلك بسبب ظروف خارجة عن إرادتك، وكانت نيتك أن تعتكف، فلك أجر النية ولا شيء عليك.
وقد يكون بسبب أن المسجد لا يكفي الجميع إذا أراد عدد كبير من الناس الاعتكاف، فقد لا يسمح القائمون على المسجد لك بالاعتكاف؛ لأنهم لا يقدرون على خدمة عدد كبير من الناس مثلاً، فليس عليك شيء وأنت مأجور على نيتك.
وفي هذه الأيام تحصل ضجة كبيرة جداً من إخواننا بسبب رغبة الكثير منهم في الاعتكاف في المسجد، رغم أن المسجد لا يمكن أن يستوعب، أعدادهم كبيرة ويمكن لمن أراد الاعتكاف أن يعتكف اعتكافاً مشروطاً، فيشترط أن يكون الأكل والشرب والنوم في بيته، ويأتي بقية يومه ليقضيه في المسجد، فهذا جائز، ويجدد نية الاعتكاف كلما أراد العودة إلى المسجد.
ويقول العلماء: يخرج المعتكف من الاعتكاف بعد غروب الشمس ليلة العيد، وإن كان الكثير من العلماء يستحبون أن يبيت ليلة الفطر في المسجد، لكنه لو خرج ليلة العيد فلا شيء عليه.