يستحب لمن فاته الاعتكاف أن يقضيه، فإذا فاته في رمضان يستحب أن يقضيه في شوال كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مرة، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة رضي الله عنها فأذن لها)، فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر لنسائه أنه سيعتكف في الأيام الآتية من رمضان وهي العشر الأواخر، فاستأذنت عائشة رضي الله عنها أن تعتكف هي أيضاً فأذن لها، (وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبني لها من غير إذن) والبناء: هي خيمة ينصبها المعتكف ليختلي بنفسه.
وكأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يتسابقن إلى الطاعة والخير، وإلى حب النبي صلى الله عليه وسلم والقرب من النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فكان إذا صلى بالناس صلاة ذهب إلى خيمته في المسجد، وكان يحجز له مكاناً ليصلي فيها في الليل صلى الله عليه وسلم، فكان يصلي الليل كله، ثم يصلي بالناس الفجر، ثم ينصرف إلى مكانه، فلما انصرف صلى الله عليه وسلم إلى خبائه وجد عدداً من الأخبيه، فسأل عن أصحابها فقالوا: هذا بناء عائشة، وحفصة، وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آلبر أردن؟ ما أنا بمعتكف).
فلم يعتكف في هذا فرجع صلوات الله وسلامه عليه فأمر في بخبائه فقوض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان، ثم اعتكف في العشر الأول من شوال، فعوض وقضى ذلك، وقد فعل ذلك لأنه خشي أن تتغير النية من اعتكاف زوجاته، وعلم بذلك أزواجه أمهات المؤمنين أن الأصل في الأمر العبادة.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأخبية كلها فقوضت ولم يعتكف في رمضان، وعوض ذلك في العشر الأول من شوال، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العيد ولم يصمه، وهذا فيه دلالة أن الاعتكاف في المسجد في غير رمضان لا يشترط فيه الصيام.
فإذا كان الإنسان مريضاً في رمضان وهو معتكف وأراد أن يكمل اعتكافه، وأفطر في رمضان بسبب مرضه وهو معتكف، فيجوز له أن يواصل الاعتكاف، فلا تعلق للاعتكاف بكونه صائماً أو مفطراً.