قال شيخ الإسلام: ((ظاهر الخطاب أن أحد التقديرين من جنس الآخر، وكلاهما مذكور بلفظ المساحة.

فلا يخلو إما أن يكون ظاهر اللفظ في تقرب العبد إلى ربه هو تقرب بالمساحة المذكورة، أو لا يكون.

فإن كان ذلك هو ظاهر ذلك اللفظ، فإما أن يكون ممكنا، أو لا يكون.

فإن كان ممكنا، فالآخر أيضا ممكن، ولا يكون في ذلك مخالفة للظاهر.

فإن لم يكن ممكنا فمن أظهر الأشياء للإنسان علمه بنفسه وسعيه، فيكون قد ظهر للمخاطب معنى قربه بنفسه.

وقد علم أن قرب ربه إليه من جنس ذلك، فيكون الآخر أيضا ظاهرا في الخطاب، فلا يكون ظاهر الخطاب هو المعنى الممتنع، بل ظاهره هو المعنى الحق.

ومن المعلوم أنه ليس ظاهر الخطاب أن العبد يتقرب إلى الله بحركة بدنه شبرا، وذراعا, ومشيا، وهرولة)) (?) .

وبهذا يظهر معنى الحديث، وأنه ليس المراد منه: التقرب إلى الله – تعالى – بحركة البدن بهذه المقادير، والهيئة، وإنما المقصود التقرب إلى الله – تعالى – بالإنابة والرجوع وإقبال القلب، وفعل الطاعات التي تقرب العبد إلى ربه، وقد قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)) (?) .

وتقدم أن قرب الله – تعالى – ودنوه من بعض مخلوقاته لا يستلزم خلوه من فوق عرشه، بل يقرب إلى من يشاء من عباده وهو فوق عرشه، لا يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015