قال: ((فعملتم به حتى غربت الشمس)) ، كما يدل على حسد اليهود والنصارى للمسلمين على ما هم عليه من الحق، ويدل على عظم فضل الله على هذه الأمة.

والمقصود منه في هذا الباب قوله: ((أوتي أهل التوراة) إلى آخره.

فإنه يدل على أن العمل فعل العباد، ومن ذلك قراءة الكتاب الذي أوتوه، وتلاوته، وأن ما يعطيه الله العبد غير عمله، بل هو جزاء عمله.

وكذلك الكتاب الذي آتاه الله اليهود والنصارى، والمسلمين ليس هو عملهم وتلاوتهم، فالذي أوتوه وحي أنزله الله على رسله إليهم، وعملهم به هو فعلهم من تلاوته، وامتثال أوامره، والانتهاء عن مناهيه.

قال في ((خلق أفعال العباد)) : ((باب قول الله عز وجل: {فَأتُواْ بِالتَّوراةِ فَاتلُوهَاَ إِن كُنتُم صَادِقِينَ} ، وقال تعالى: {وَمِن آيَاتِهِِ خَلقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلافُ أَلسِنتِكُم وَأَلوانِكُم} فمنها العربي، ومنها العجمي، فذكر اختلاف الألسنة والألوان، وهو كلام العباد، وقال تعالى: {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لّيِ عَمَليِ وَلَكُم عَمَلُكُم أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعمَلُ وَأَنَا بَرِئٌ مِمَّا تَعمَلُونَ} .

وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل)) .

فبين أن قيامه بالكتاب هو فعله.

وقال الله تعالى: {وَافعَلوُاْ الخَيرَ} . فأثبت الخير منهم فعلاً)) (?) .

معنى: قيام العبد بالكتاب هو: فعل العبد الذي يجازى عليه، وليس هو الكتاب، وبهذا يتضح مراده بهذه النصوص.

*****

طور بواسطة نورين ميديا © 2015