ثم أنتم تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشمس على قيراطين قيراطين، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: نحن أكثر أعمالاً، وأقل عطاء؟

قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا. قال: فإنه فضلي أوتيه من أشاء)) هذا حديث حسن صحيح)) (?) .

ففي هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن شيئين: أحدهما: مدة بقاء هذه الأمة في الدنيا بالنسبة لمن سبقها من الأمم، وأنه مثل نسبة ما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس بالنسبة لليوم الكامل.

والثاني: مثل هذه الأمة، ومثل اليهود والنصارى، فعلى هذا لا يكون قوله: ((أوتي أهل التوراة)) إلى آخره شرح وتفصيل لما تقدم، كما قاله الحافظ، وإنما هو كلام مستأنف، أريد به بيان فضل هذه الأمة على اليهود والنصارى، وكثرة أجورها.

قوله: ((أوتي أهل التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار، ثم عجزوا)) كأنه أريد منهم أن يعلموا جميع النهار، ولهذا قال: ((ثم عجزوا)) أي: عن العمل بقية النهار.

قوله: ((فأعطوا قيراطاً قيراطاً)) أي: كل فرد منهم أعطي قيراطاً.

قوله: ((ثم أوتي أهل الإنجيل)) إلى آخره، مثل سابقه.

((ثم أوتيتم القرآن فعملتم به حتى غربت الشمس)) أي: أن هذه الأمة أكملت العمل الذي طلب من اليهود والنصارى فعجزوا عن أدائه، فلذلك أعطوا ضعفي ما أعطي من قبلهم من الأجر.

ويفهم منه أن هذه الأمة يستمر عملها بالقرآن إلى قيام الساعة؛ لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015