"الخامسة: أن الرسالة عمت كل أمة": أن الرسالة عمت كل أمة من قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ}، فالرسالة عمت كل أمة.
"السادسة: أن دين الأنبياء واحد": دين الأنبياء واحد؛ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ .. } [(163) سورة النساء]، فدينهم واحد، والأصل -الذي هو التوحيد- يتفقون عليه، ولا اختلاف بينهم فيه وإن اختلفت الشرائع.
"السابعة: المسألة الكبيرة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت": لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت، كيف يكون موحداً وقد أشرك مع الله غيره؟ هذا تناقض، لا يتحقق التوحيد إلا بالكفر بالطاغوت.
"ففيه معنى قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} [(256) سورة البقرة] ".
"الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عُبِد من دون الله": الطاغوت عام في كل ما عُبِد من دون الله، سواءً كان ملكاً مقرباً، أو نبياً مرسلاً، أو حجراً من الأحجار، أو غير ذلك، لكن لا بد من قيد: أن يرضى بهذه العبادة، أن يرضى بهذه العبادة، وإلا فعيسى عُبِد من دون الله، عُبِد من دون الله لكنَّه لم يرضَ.
ولما نزل قوله -جل وعلا-: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [(98) سورة الأنبياء]، فرح بذلك بعض المشركين، وجاؤوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالوا له: إن قوله .. ، قولك: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}، هذه النصارى تعبد عيسى، إذن: عيسى من حصب جهنم، وأنت تقول: إنه رسول وتؤمن به وتصدق به وتأمر بتصديقه، والإيمان به ركن من أركان الإيمان!!
لكن هل هذا الاستدراك صحيح؟
لأن قوله: {مَا} قالوا: لغير العاقل، {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}: هذه لغير العاقل وعيسى عاقل، لكن هل تنفي هذه "ما" من عُبِد ممن يتصف بالعقل من دون الله ورضي بذلك، ألا يكون من حصب جهنم وإن كان عاقلاً على حد زعمه؟
طالب: نعم.
لماذا؟ لأنه في الحكم غير عاقل؛ لأنه في الحكم غير عاقل، فيعامل معاملة غير العقلاء إذا رضي بذلك.