" {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} [(165) سورة البقرة] ": (من) هذه تبعيضية، يعني ليس جميع الناس يتخذون من دون الله أنداداً، إنما بعض الناس يتخذون من دون الله أنداداً، والأنداد، الأمثال والنظراء، الأمثال والنظراء.
" {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} ": من عبد أو من صرف شيئاً من العبادة لغير الله، فقد اتخذ هذا نداً لله، ولذا لما قال الصحابي: ما شاء الله وشئت، قال: ((أجعلتني لله نداً؟ )).
" {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} ": المحبة المقرونة بالتعظيم والذل والخضوع هي العبادة، وتصرفات المخلوقات كلها تابعة للمحبة، لماذا تأكل؟ لأنك تحب الطعام، قد يقدم لك طعام لا تحبه فتأكله، فتنتقل المحبة إلى ما وراءه؛ لأنك تحب البقاء، تحب البقاء، شربت لئلا تموت من العطش، أنت تحب الماء ولو لم تكن عطشاناً، إنما شربت لأنك تحب الماء، وإذا كنت لا تحبه فأنت شربته لتبقى، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [(30) سورة الأنبياء].
المقصود أن هذه العبادة هي التي تحرك القلوب للعمل، هي التي تحرك القلوب للعمل، وهناك محبة شرعية مقرونة بالتعظيم والذل والخضوع هذه لا تجوز إلا الله -جل وعلا-، ولا يجوز صرف شيء منها لغيره.
إذا خلت عن ذلك بأن كانت محبة؛ لأنها محبوبة للمحبوب صارت شرعية، أنت تحب زيداً من الناس وتبغض عمراً، لماذا؟ لأن زيداً ممن يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فأنت أحببته في الله، وعمرو لأنه ممن يعمل ما يغضب الله -جل وعلا- فأنت تبغضه في الله، ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، فهذه المحبة شرعية، لكنها غير مقرونة بتعظيم وذل وخضوع الذي لا ينبغي إلا الله -جل وعلا-.