لكن إذا قلنا في التقدير: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا} عبدوهم من دون الله، ويؤيد ذلك قوله: ((فتلك عبادتهم))، وهو يقول: ما عبدناهم، أو نقول: إن هذا من جهله بمعنى العبودية، بجهله بمعنى العبودية؛ لأنه حديث عهد بالإسلام، وإذا قلنا بهذا التقدير، قلنا: إن الآية مطابقة للترجمة، ولو قلنا: إن الآية تنفي التشريك في الربوبية وتوحيد الربوبية متضمن لتوحيد الألوهية، فمن أشرك في الربوبية أشرك في الألوهية؛ لأنه لا يمكن أن يشرك في الربوبية ويعترف بتوحيد الألوهية، لكن العكس موجود، العكس موجود، قد يشرك في توحيد الألوهية ويعتقد توحيد الربوبية كما كان عليه مشركو قريش.

" {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ مِنْ دُنِ الله أَرْبَابًا وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} ": يعني واتخذوا المسيح ابن مريم رباً يعبدونه من دون الله، وحال النصارى ما تحتاج إلى كشف، وليس من باب ما يستتر به أو يتقى به عندهم لا، مكشوف، الرب عندهم يسوع، والإشكال في استخدامهم هذه الكلمة (الرب)، وبعض المسلمين يتلقفها ويرددها ولا يدري أن وراءها ما وراءها؛ لأنهم لا يقولون: الإله يسوع، إنما يقولون: الرب، وفي كتاب من كتبهم مطبوع منذ أربعمائة سنة، في أوروبا قالوا في خاتمته: طبع سنة ألف وستمائة، ألف وستمائة وكسر، لكن بدلاً من أن يقول ميلادية، يقول: من وقت التجسد الإلهي، نسأل الله العافية، تعالى الله عما يقولون، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

فالنصارى اتخذوا المسيح إلهاً من دون الله، وجاء {إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [(17) سورة المائدة]، منصوص عليه في كتابنا، {إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} [(73) سورة المائدة].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015