تدليس البلدان

هناك قسم آخر من تدليس الشيوخ يندرج تحته وهو: تدليس البلدان، وتدليس البلدان مشهور؛ لكنه أهون بكثير من غيره، وتدليس البلدان: هو أن يأتي الراوي فيوهم السامعين أنه سمع من رجل مشهور في بلاد بعيدة وما سمع منه، وإنما سمع من شخص آخر يشترك معه في الاسم أو غيره، وهذه معروفة الآن في الإسكندرية فأكثر الناس يمكن أن يدلسوا هذا التدليس؛ لأنه والحمد الله عندنا الشوارع عامرة، شارع بور سعيد، وشارع سوريا، وشارع دمشق، ومدينة زايد، فيمكن شخص يأخذ شيخاً أو طالب علم غير مشهور إلى شارع سوريا ويقول: حدثني فلان، ويكون هذا من طلبة العلم المشهورين، فيقول مثلاً: حدثني الشيخ محمد بن إسماعيل في سوريا، كأن الشيخ محمد بن إسماعيل كان في سوريا، والرجل رحل من مصر من أجل أن يسمع منه في سوريا.

والأغرب من ذلك أن يقول: حدثني علي حسن، ويكون هذا ليس طالب علم، إنما هو رجل يقفل المسجد ويفتحه، واسمه علي حسن، قال: الحمد لله، تعال، فأمسكه وجعله يروي حديثاً في البخاري بسند متصل للنبي صلى الله عليه وسلم، فيروي الحديث ويقول: حدثني علي بن حسن الحلبي في حلب، وهو إنما حدثه رجل عادي في شارع هنا اسمه شارع حلب.

أو أنه يأتي خلف ترعة المحمودية ويقول: حدثني فلان في بلاد ما وراء النهر.

فهذا اسمه تدليس البلدان، فهو يريد أن يتشبع بما لم يعط، أي: أنه رجل كان رحالاً يذهب إلى البلاد والقفار، ويتحمل هذه الأسفار من أجل حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كما قلت: أخف أنواع التدليس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015