قال المؤلف رحمه الله تعالى: وهكذا قال الحافظ أبي طاهر السلفي في الأصول الخمسة -يعني: البخاري ومسلماً وسنن أبي داود والترمذي والنسائي -: إنه اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب.
وهذا تساهل منه؛ فلم يتفق على صحة هذه الكتب الخمسة أهل المشرق والمغرب، إنما القبول هو لما في كتابي البخاري ومسلم، أما بقية الكتب الخمسة -وهي: الترمذي وأبو داود والنسائي - فلم يتفق على صحتها أهل المشرق والمغرب كما قال أبو طاهر السلفي.
وقد أنكر عليه ابن الصلاح وغيره، قال ابن الصلاح: وهي مع ذلك أعلى رتبة من كتب المسانيد، يعني: لم يتفق عليها أهل المشرق والمغرب، لكن هذه الكتب الخمسة تبقى أعلى رتبة من كتب المسانيد، كمسند عبد بن حميد، ومسند بقي بن مخلد، ومسند أحمد بن حنبل والدارمي وأبي يعلى والبزار والحسن بن سفيان وإسحاق بن راهويه وعبيد الله بن موسى، وغيرهم، فتبقى هذه الكتب التي نسيمها كتب الإسلام أعلى رتبة وأنظف أسانيد وأصح أحاديث من هذه الكتب التي ذكرناها بعد ذلك؛ لأنهم يذكرون عن كل صحابي ما يقع لهم من حديثه، بغض النظر عن الصحة والضعف.
وقد ذكرنا أن البخاري كان له شرط، ومسلماً كان له شرط، وأبا داود كان له شرط، والترمذي كان له شرط، والنسائي كان له شرط، حتى ابن ماجه كان له شرط، وإن كان كل واحد لم يلتزم به أحياناً، إلا أن من اشترط يبقى أقوى في المعتبر ممن لم يشترط، بل كان بعض أصحاب السنن شرطه أشد من شرط البخاري، وفي هذا الكلام نزاع بين أهل العلم، لكن على أي حال بعض أهل العلم قالوا: إن النسائي كان له شرط في كتابه أشد من شرط البخاري ومسلم، وإن كان هذا الكلام فيه نظر، إلا أنه على أي حال قد قيل.