المذهب الرابع: من يذهبها كلها ويردها

المذهب الرابع: وهو مذهب من يذهبها كلها ويردها.

وهذا قولٌ أشد نكارة من سابقه.

فإن قيل: فمن الذي يذهب إلى هذا القول؟

قيل: لم يعرف عن طائفة معينة في المسلمين أنها تبطل سائر الوعيد، حتى من يقول بترك أخبار الآحاد وعدم الاستدلال بها لا يقولون هذا؛ لأن هذا الوعيد مستعمل في القرآن، وقد ذكر المصنف مثالاً له من القرآن، وهو قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]

إذاً: من هي الطائفة التي ترد كل هذه الأحاديث؟

هنا يفسر كلام المصنف على أحد وجهين:

الوجه الأول: أنه أراد الأحاديث؛ لأن أمثلته في الجملة من الأحاديث، وهو في مبدأ كلامه يقول: "فهذه أربعة أنواع من الأحاديث ... " إلى أمثال ذلك.

فإن أراد الأحاديث فكأنه قصد من طعن في هذه الأحاديث، فلا معنى أنها ليست من المتواتر.

الوجه الثاني: أنه أراد بهذا النوع حتى ما دخل فيه من نصوص القرآن، فالطائفة التي ترد هذا كله ليست طائفة معينة، وكأنه أراد الطوائف البدعية التي لم تحقق هذه الأحاديث، ولم تعتبر حقائقها، وخالفتها في أقوالها

وما إلى ذلك؛ فيكون من باب المرادات العامة، وليس من باب المرادات الخاصة.

وننبه هنا إلى أن مسألة تعيين الطوائف ليست أمراً مقصوداً لذاته.

ونضرب مثالاً على هذا: أنه شاع عن غلاة المرجئة أنهم يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، وأن مرتكب الكبيرة في الآخرة إلى الجنة، وأنه ليس هناك وعيد لأهل الكبائر

إلى غير ذلك.

مع أنه لم ينضبط قولاً لأحد من الأعيان، وقد نص الإمام ابن تيمية على هذا في منهاج السنة، وإن كان الأشعري في المقالات وكذلك ابن حزم قد نسبا هذا القول إلى مقاتل بن سليمان، لكن ابن تيمية يقول: "إن من أهل المقالات من ينسبه إلى مقاتل بن سليمان، ولا يصح ذلك عنه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015