ذكر المصنف رحمه الله في مقدمته أن هذه المسألة فيها خطب عند السلف، أي: أنها مسألةٌ كبيرة عظيمة الشأن؛ وإنما كان أمرها كذلك لسببين:
السبب الأول: أنها أول مسألة تنازع فيها أهل القبلة، ولم يكن قبلها بين المسلمين نزاع في شيء من مسائل أصول الدين، إنما كانوا يختلفون في مسائل الفروع ومسائل الفقه وما يتعلق بذلك.
السبب الثاني: أن حماد بن أبي سليمان، ومن وافقه من الفقهاء لم يستعملوا في الاستدلال على قولهم شيئاً من الطرق المحدثة المبتدعة، بل كان طريقهم في الاستدلال هو طريق الأئمة المعروفين، وإنما اشتبه عليهم مقام في كتاب الله، وهو ما ذكر في القرآن كثيراً في قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) وكذلك جملة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يأتي التنبيه إليها.
وسوف نتكلم في هذا المقام عن السبب الأول، بذكر شيء من تتابع ظهور البدع، أما الكلام عن السبب الثاني فسيأتي في ثنايا الكتاب عند الحديث عنه.