وعن الحسن بن علي هنا قال: عليهما السلام، فنقول: عليهما السلام، لكن ليس هما فحسب، ولا آل البيت فحسب، بل كل الصحابة والصالحين والتابعين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً؛ كلهم عليهم من الله ومن عباده السلام.
إذا كان هذا هو المعنى اللغوي فيصدق أن نقول عن أي واحد نظنه من الصالحين خاصة الصحابة أجمعين: عليه السلام، وعليه مني السلام، كما أنك تقول: تعال ولك مني الأمان، أو ولك مني السلام؛ ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم، فإنما يقولون: السام.
والسام الموت)، والموت علينا وعليهم حق، لكنهم يسبوننا.
(أتى رجل من اليهود فقال: السام عليك يا محمد! فقال: وعليك، فقالت عائشة: وعليك السام واللعنة والغضب يا عدو الله! قال: يا عائشة! ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
قالت: يا رسول الله! أما سمعت ما قال؟ قال: أما سمعت ما رددت به عليه؟).
قالت: وعليك السام واللعنة والغضب يا عدو الله! هذا هو الرد اللائق، ولو كان بإمكانها أن تضربه بنعلها لفعلت، لكن هذا لا يليق بقدر عائشة رضي الله عنها.
وكان بعض اليهود يأتي إلى النبي عليه الصلاة والسلام ويقول له: (السلام عليك يا محمد! ورحمة الله وبركاته) فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام ولا يذكر ورحمة الله وبركاته.
يقول ابن القيم في ذلك: إذا سلم أهل الكتاب على المسلمين فبان في سلامه سلام، يعني: لا يوجد عندي شك أن هذا الرجل عند أن دخل علي قال لي: السلام عليكم -بالألف واللام- ورحمة الله وبركاته؛ يقال له: وعليك السلام، أي: وعليك مني السلام، أما رحمة الله وبركاته فأنت أبعد الناس عن رحمة الله وبركاته.
فـ ابن القيم يقول: النبي عليه الصلاة والسلام لما نهى عن إلقاء السلام عليهم هل قصد بالنهي الألفاظ الواردة في التحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أم قصد مطلق التحية؟ ذكر الخلاف بين العلماء في هذا، ثم رجح ابن القيم عليه رحمة الله أن المنهي عنه هو السلام، وأن مطلق التحية جائزة، وهذا كلام جيد.