إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد: فلا يزال الكلام موصولاً في ذكر حديث احتجاج آدم وموسى، وحكم النبي صلى الله عليه وسلم لآدم صلوات الله وسلامه عليه، بأنه غلب موسى بالحجة، والحديث نذكر به سريعاً، ثم نسرد مذاهب أهل العلم مع الترجيح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم! أنت أبونا خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة.
قال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك التوراة بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى، فحج آدم موسى).
وفي رواية: (تحاج آدم وموسى، فحج آدم موسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال آدم: أنت موسى الذي أعطاه الله علم كل شيء - أي: علم كل شيء في التوراة- واصطفاه على الناس برسالته؟ قال: نعم.
قال: أفتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق).
وفي رواية (احتج آدم وموسى عند ربهما، فحج آدم موسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض، قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجياً، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاماً.
قال آدم: هل وجدت فيها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه:121]؟ قال: نعم.
قال: أفتلومني على أن عملت عملاً كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى).