[وقال وكيع: حدثني القاسم بن حبيب عن رجل يقال له: نزار عن عكرمة عن ابن عباس، قال: صنفان من هذه الأمة ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية].
[وقال أيوب بن أبي تميمة السختياني: قال لي سعيد بن جبير: ألم أرك مع طلق؟] وهو طلق بن حبيب المرجئ الكبير المعروف، وهو من رواة السنة، [قلت: بلى فما له؟] يعني: ما عيبه؟ [قال: لا تجالسه فإنه مرجئ، قال أيوب: وما شاورته في ذلك، ولكن يحق للمسلم إذا رأى من أخيه ما يكره أن يأمره وينهاه].
يعني: ولم أكن قد استشرته في ذلك، وإنما يجب على المسلم إذا رأى أخاه على معصية أو على خطر أو على ضلالة أن يحسن به الظن، وربما أنه لا يعرف أن هذا ضلال، وليأمره ولينهه ولو بغير طلب منه.
[وقال قتادة: إنما أحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث].
[وسئل ميمون بن مهران عن كلام المرجئة فقال: أنا أكبر من ذلك]، يعني: أنا لا يمكن أقول بهذا القول، وهذا القول عندي فاسد بين الفساد، لا أقول به وأنا أكبر من ذلك.
[وقال العلاء بن عبد الله بن رافع: إن ذراً أتى أبا عمرو وسعيد بن جبير في حاجة له فقالا: لا] أي: لا نقضي لك حاجتك [حتى تخبرنا على أي دين أنت اليوم].
ولذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: من لم يتخذ السنة ديناً أكثر التحول، يعني: يكون كل يوم على مذهب، اليوم خارجي، غداً معتزلي، بعد غدٍ مرجئي، قدري، إباضي، شيعي وهكذا؛ لأن كل هذه الفرق فرق ضلال، وضلالها سواء، فهو متى أعجبته فكرة ينتقل إليها.
وقد رأينا رجلاً أكاديمياً صنف كتاباً في الفلسفة الإسلامية، أي: الاعتقاد، خلط فيه بين جميع ملل الإسلام غير مذهب أهل السنة والجماعة، إذا تكلم في قضية من القضايا أتى فيها بأقوال أهل البدع كلهم ولم يذكر مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، رجل يأخذ بما يناسب عقله، فالذي يعجبه من أي ملة من الملل يقصه ويلصقه أو يخطه في هذا الكتاب، فهذا كلام عجيب جداً! أن يعمى المرء عن الحق ثم يتخبط في غياهب الظلام بالليل والنهار.
قال: [لا، حتى تخبرني على أي دين أنت اليوم أو رأي أنت اليوم؟ فإنك لا تزال تلتمس ديناً قد أضللته، ألا تستحي من رأي أنت أكبر منه؟].
[وقال محمد بن ذكوان لـ حماد: كان إبراهيم يقول بقولكم في الإرجاء، فقال: لا، كان شاكاً مثلك.
[وقال جعفر الأحمر عن أبي جحاف قال سعيد بن جبير لـ ذر: يا ذر! مالي أراك في كل يوم تجدد ديناً؟] يعني: تنتقل من دين إلى دين، ومن ملة إلى ملة، ومن مذهب إلى مذهب، ومن فرقة إلى فرقة، غير أنك بعد لم تلتمس طريق الحق، وهو طريق أهل السنة والجماعة.
[وقال أبو المختار: شكا ذر سعيد بن جبير إلى أبي البختري الطائي فقال: مررت فسلمت عليه فلم يرد علي]، أي: فلم يرد علي السلام، مع أن رد السلام أمر واجب، ومع هذا أجمع العلماء على أنه إذا كان الرجل المُسَلِّمُ صاحب بدعة وخطره محقق فالمقاطعة أولى حتى وإن كان في الواجبات، مثل رد السلام.
[فقال أبو البختري لـ سعيد بن جبير فقال سعيد: إن هذا يجدد في كل يوم ديناً، لا والله لا كلمته أبداً].
[ومر إبراهيم التيمي بـ إبراهيم النخعي فسلم عليه فلم يرد عليه]، أي: لأنه مرجئ.
[وقال رجل: رآني أبو قلابة وأنا مع عبد الكريم]، وهو ابن عجرد زعيم العجاردة، كان إمام مذهب من مذاهب الضلال.
[فقال: مالك ولهذا الهزء]، يعني: هذا الإنسان السخيف المبتدع، كأنه يحذره المشي معه.
[وقال أبو حمزة التمار الأعور: قلت لـ إبراهيم: ما ترى في رأي المرجئة؟ قال: أوه]، كأنه يستعظم ذلك، وهي كلمة تقولها العرب، ثم قال: [لفقوا قولاً فأنا أخافهم على الأمة والشر من أمرهم، فإياك وإياهم]، فهو يحذره، ويبين له أنهم شر طائفة على الإسلام.
[وصف ذر الإرجاء وهو أول من تكلم فيهم، ثم قال: إني أخاف أن يتخذ ديناً، فلما أتته الكتب من الآفاق قال: فسمعته بعد يقول: فهل أمر غير هذا!].
يعني: لما دعا ذر إلى مذهب الإرجاء، ونشر أمره هنا وهناك، فأتى عليه الرد من هنا وهناك، فلما وقف على الردود المكتوبة بأقلام العلماء، قال: لو كان غير ذلك، أي: لنجحنا وأفلحنا، كأنه يظهر استياءه الشديد لرد العلماء عليه وأنهم عطلوا عليه نشر دعوته.
قال: أو شيء غير ذلك؟ يعني: كان يتمنى أن