الكفر كفران: كفر أكبر وأصغر، والشرك شركان: شرك أكبر وأصغر، والنفاق نفاقان: نفاق أكبر وأصغر، والفسق فسقان: أكبر وأصغر.
فقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، وفي رواية: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، (أو) ليست للشك من الراوي، بدليل أن رواية أخرى قالت: (من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك)، فهل هذا الكفر كفر أكبر اعتقادي وليس كفراً عملياً أصغر؟ والفارق بين الكفرين أن الكفر الاعتقادي يخرج المرء من الملة، فالكفر الأكبر هو الكفر الاعتقادي أو الكفر العملي الذي يأتي به المرء عملاً أو يقول قولاً يستلزم خروجه من الملة.
والإيمان قول وعمل، والكفر كذلك قول وعمل فضلاً عن الاعتقاد؛ لأنه لا خلاف في أن من اعتقد أن لهذا الكون إلهين فقد كفر وخرج من الملة؛ لأنه جعل نداً وشريكاً لله عز وجل في ملكه وخلقه، فمن اعتقد ذلك خرج من الملة عند جميع أهل الأرض.
فقوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك) من الكفر الأصغر الذي لا يخرج به من الملة، والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فليقل كفارة ذلك: لا إله إلا الله).
وأيضاً ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: (واللات والعزى، فقال: لا تقل: واللات والعزى، من كان منكم حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).
ولو كان الحلف على هذا النحو كفراً مخرجاً من الملة لأقام عليه النبي عليه الصلاة والسلام حد الردة أو استتابه، فإن تاب وإلا قتله.
ولما لم ينقل إلينا هذا ولا ذاك علمنا أن هذا مثال الكفر العملي أو الأصغر.