قال: [عن المسور بن مخرمة أن ابن عباس دخل على عمر بعدما طعن، فقال: الصلاة، فقال أمير المؤمنين: نعم، لا حظ لامرئ في الإسلام أضاع الصلاة؛ فصلى والجرح يثعب دماً].
لو لم تكن الصلاة من أصول الإيمان، وأن تاركها تارك الإيمان؛ لما اهتم بذلك ابن عباس، فضلاً عن عمر رضي الله تعالى عنهما على هذا النحو وهذه الحال.
ثم قال: [عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة: أن عمر لما أصيب جعل يغمى عليه، فقالوا: إنكم لن تفزعوه -أي: لن تفيقوه- بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة] يعني: لا يمكن أن تحصلوا على إفاقة لـ عمر إلا إذا ذكرتموه بالصلاة، إذا كان فيه رمق وبقية حياة.
ثم قال: [فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين قد صُلّيت، قال: فانتبه، فقال: الصلاة! ها الله إذاً، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وإن جرحه ليثعب دماً].
فهذه نصوص تفيد أهمية الصلاة عند سلف الأمة.
قال: [عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر)] أي: بيننا وبين الكفار ترك الصلاة، فالعلامة التي تميز المسلم عن غيره إنما هي الصلاة.
وقوله: (فمن تركها فقد كفر)، لو كان هذا النص محمولاً على الكفر العملي؛ فما بالكم بمن ترك الزكاة، ومن ترك الصيام، ومن ترك الحج لا يكون كافراً كفراً عملياً؟! لو أن واحداً ترك الصيام، أو ترك الزكاة مع القدرة على إخراج الزكاة أليس هذا بإجماع المسلمين كافراً كفراً عملياً، ووقع نزاع فيما يتعلق بالزكاة.
لكن هذا النص: (ليس بيننا وبينهم إلا الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، لا يتصور قط أن قوله: (فقد كفر)، أي: كفراً عملياً، لماذا؟ لأن الصلاة حينئذ تكون شريكة لغيرها من سائر الأعمال، فدل هذا الحصر في قوله: (ليس بيننا وبينهم إلا ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر) لا يتصور أن يكون هذا الكفر متعلقاً بالكفر العملي، وإلا فالكفر العملي في الزكاة والصيام والحج وغير ذلك من سائر الواجبات والمحرمات، فلم خص الصلاة إذاً؟ إلا أن الحكم المتعلق بالصلاة غير الحكم المتعلق بغيرها من سائر الذنوب والمعاصي، فهذا كفر أكبر، وذاك كفر أصغر.