إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: الباب الذي نحن بصدده هو باب: ذم المراء والخصومات في الدين، والتحذير من أهل الجدال والكلام.
والمراء: هو الملاحاة والخصومات والجدال بالباطل، فإذا كان ذلك في دين الله عز وجل فإنه مذموم، بل هو أشد ذماً؛ لأن الجدال بالباطل في غير الدين أمر مذموم، فهو مذموم من باب أولى إذا كان في دين الله عز وجل، والخصومة والمراء والجدال لا يكون إلا في أصحاب الكلام والفلسفة، وأما أهل التقوى وأهل العلم الراسخون فيه فإنهم وقَّافون عند حدود القرآن، وحدود السنة الصحيحة.
ولذلك فهذا الباب متمم للبابين اللذين قبله، وأقوال أهل العلم في هذا الصدد كثيرة لا تكاد تنتهي، وما من كتاب أُلِّف في السنة -كهذا الكتاب الذي بين أيدينا- إلا وعقد فصولاً متعاقبة متتابعة في أهمية هذا الأمر، والتحذير منه، أي: أهمية الوقوف عند حدود القرآن والسنة، والتحذير من الخصومات والجدال والمراء والملاحاة في دين الله عز وجل بغير علم.