[قال الأوزاعي: بلغني أن عمر بن الخطاب قال: أيها الناس! إنه لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها، ولا في هدى تركه، حسبه ضلالة، فقد بينت الأمور، وثبتت الحجة وانقطع العذر]، هذا الكلام لو صح عن عمر -وهو غير صحيح- لاحتاج إلى مجلدات في شرح هذه الكلمات، ولكنه لم يقل: قال عمر، وإنما قال: بلغني أن عمر بن الخطاب، وهذا القول روي بلاغاً، والبلاغ منقطع، وهو علة في عدم ثبوت النص، لكن هب أنه ثبت من طريق آخر عن عمر رضي الله عنه، فمعناه العام: أن السنة قد ظهرت ظهوراً يجب على كل أحد أن يطلبها إن لم تذهب إليه، وهناك فرق بين مجتمع العلم فيه غالب، وبين مجتمع العلم فيه غير غالب، فلو أن شخصاً في السعودية الآن أو قطر أو الكويت أو غيرها من بلاد الإسلام يقول: أنا لا أدري أن الصلاة فرض من فرائض الإسلام، فهل يقبل منه ذلك؟ هل يقبل من أحد يسمع الأذان في اليوم خمس مرات أن يقول: أنا لا أدري ما الصلاة، أو لا أدري ما الزكاة؟
صلى الله عليه وسلم لا يقبل منه في بلاد الإسلام، إنما يقبل من إنسان في بلاد الكفر قد أسلم حديثاً، وهو لا يعرف الصلاة ولا الصيام ولا الزكاة ولا غير ذلك من فرائض وشرائع الإسلام، أما إنسان في بلاد الإسلام فقد قامت عليه الحجة بظهور السنة في كل هذا، فلا عذر له حينئذ.