[وعن الزهري قال: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة]، والزهري من فقهاء المدينة، فإما أن يقول هذا عن متأخري أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، أو عن كبار التابعين، كما كان يروي عن أنس بن مالك، ويقرأ عن كبار التابعين، وأي رواية عن الزهري يرويها عن بعض أهل العلم، فيقول: كان من مضى من علمائنا، فمعناه أنها عن الصحابة أو كبار التابعين يقولون: (الاعتصام بالسنة نجاة).
أي: التمسك والاستمساك بحبل الله المتين وبسنة نبيه الأمين نجاة من كل هلكة.
وحبل الله تعالى هو كتابه الكريم، وهو وحي السماء إلى الخلق أجمعين، فهذا الكتاب له طرفان، طرف بيد الله عز وجل، وطرف بأيدي الموحدين، كما جاء ذلك في رواية عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قال: [الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضاً سريعاً]، أي: يرفع رفعاً سريعاً، وتكلمنا في دروس مضت وفي خطب مختلفة أن قبض العلم لا يكون برفع العلم، وإنما يكون بقبض العلماء، فقبض العلماء علامة على نهاية الزمان، وقرب الساعة، وبئست هذه العلامة للناس، وبئس قوم يموت علماؤهم ويبقون هم بلا علم وبلا علماء، كيف يعيشون والعلماء هم منارات الهدى في كل عصر وفي مصر؟ فإذا مات عالم في قرية فأشبه بموت القرية بأسرها، وأنتم تعلمون أن العالم في القرية ينفع أهل القرية في أرواحها وفي عقيدتها، وفي الأخذ بنواصيها إلى الله، فهو كعين تنبع لهم بالماء وتغذيهم؛ لأن العالم يغذي الأرواح والقلوب، ويقيم الأفكار والعقول على كتاب الله عز وجل وعلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام، بخلاف الدنيا فإنها تغذي الأبدان، وشتان ما بين الجنتين.
قال: [والعلم يقبض قبضاً سريعاً، فنعش العلم ثبات الدين والدنيا، وذهاب العلم ذهاب ذلك كله].
وعن الزهري قال: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضاً سريعاً، فنعش العلم ثبات الدين، وذهاب ذلك كله ذهاب العلماء.