قال: [وعن أبي بكر بن هانئ -وهو من أكابر تلاميذ الإمام أحمد - قال: أتينا أحمد بن حنبل أنا والعباس بن عبد العظيم العنبري -وهو كذلك من كبار تلاميذ أحمد - فسألناه عن أشياء فذكر كلاماً، فقال العباس: وقوم هاهنا قد حدثوا -أي: قد ظهر قوم في بغداد قد أحدثوا أمراً عجيباً- يقولون: لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق، وهؤلاء أضر من الجهمية على الناس، ويلكم؛ فإن تقولوا: ليس بمخلوق، فقولوا: هو مخلوق، فقال أبو عبد الله: قوم سوء هؤلاء، قوم سوء، فقال العباس: ما تقول يا أبا عبد الله؟ فقال: والذي أعتقده وأذهب إليه -أي: وهو معتقدي- ولا أشك فيه: أن القرآن غير مخلوق، ثم قال: سبحان الله! ومن يشك في هذا؟].
أي: ومن يشك في أن القرآن كلام الله غير مخلوق؟! [ثم تكلم أبو عبد الله بكلام مستعظماً للشك في ذلك، فقال: سبحان الله! في هذا شك؟ قال الله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54]، ففرق بين الخلق وبين الأمر، وقال: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ} [الرحمن:1 - 3]، فجعل يعيدها] ولم يقل: الرحمن خلق القرآن، وإنما قال: علم، إذاً: القرآن من علم الله، وعلم الله ليس مخلوقاً، إذ إن علم الله أزلي أبدي لا أول له ولا نهاية، أما المخلوق فقال الله تعالى فيه: {خَلَقَ الإِنسَانَ} [الرحمن:3]، إذاً: الإنسان مخلوق، أما القرآن فليس مخلوقاً.
قال: [فالقرآن من علم الله، وفيه أسماء الله لا نشك أنه غير مخلوق، وهو كلام الله، ولم يزل الله متكلماً].