Q هل نهى النبي عن تسريح الشعر والاغتسال في كل يوم.
وما صحة ذلك؟
صلى الله عليه وسلم نعم.
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غباً، أي: نهى عن تسريح الشعر ودهنه إلا غباً، والغب: هو اليوم بعد اليوم أو الأيام بعد الأيام، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (زر غباً تزدد حباً) يعني: عندما تحب أن تزور شخصاً لا ينبغي لك أن تزوره كل يوم من باب المحبة في الله إلى أن يكرهك في الله.
والمقصود: أن تزوره كل فترة من الزمن إذا تطلب الأمر ذلك، لا أن تقلقه في عائلته، كل وقت تطرق عليه الباب إلى أن تؤثمه، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (الضيافة ثلاثة أيام، وما زاد عن ذلك فهو صدقة).
وكان عبد الله بن عمر إذا زار أحداً أخذ مولاه نافعاً معه، فكان إذا انتهت الثلاثة أيام قال: يا نافع! أخرج طعامنا من الكيس.
لأنه انتهى حقهم في الضيافة.
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولا يحل لأحدكم أن يؤثم أخاه)، يعني: بعد الثلاثة أيام ترحل بنفسك، ولا توقع أخاك في الإثم بكراهة وجودك، أو بتقديم الطعام لك على غير نية صالحة، أو بأنك ثقيل على قلبه، أو توقعه في بغضك، ولا شك أن المسلم لا يتصف بهذا كله إلا لعلة وضرورة، فلا تكن أنت السبب في إيقاع أخيك في هذا الإثم، فقوله: (ولا يحل لأحد أن يؤثم أخاه) أي: يوقعه في الإثم بسبب المكث عنده أكثر من ثلاثة أيام، لكن هل هذا الحديث في البادية أم في المدينة؟ اختلف أهل العلم، والذي يغلب على ظني أن هذا في البادية؛ لأن البادية لا يتمكن المرء من مكان يقيم فيه، ولا من مطعم يطعم فيه، لكن في المدينة هناك المطاعم والفنادق وغير ذلك، فبإمكانك أن تنزل فيها.
كما أن في القاهرة والمدن الكبيرة هذه العادات مسألة في غاية العسر، خاصة إذا كان الضيف صعيدياً؛ لأن هذه أعراف، والحقيقة الإخوة الصعايدة المقيمون في القاهرة في غاية العنف والمشقة من هذا الأمر، إذ يأتيه أخوه من خارج البلد فيمكث عنده شهراً كاملاً.
وعندما يذهب للعمل يأخذ أخاه معه، فلو أنه أخذ أخاه ثلاثة أيام أو أربعة أيام معه في العمل فإن أصحاب العمل سيتحرجون جداً، فلا يقدمون طعاماً ولا شراباً، فيصبح قاعداً على الكرسي، وهكذا يثقل على أخيه؛ فلذلك ينبغي أن يكون حريصاً على خفته، فلا يجلس شهراً بلا هدف ومن غير مصلحة، إن جاء للزيارة مكث شهراً، وإن جاء لمصلحة مكث السنة كلها، وأخوه ماذا يفعل؟ هل يتركه مع امرأته في البيت؟ إذاً تقع المحاذير والانتهاكات الشرعية، وانتهاك الحرمات وغير ذلك، وإن قلت له: تعال معي العمل قال: هذا لا يأمنني، بل يعتبرني خائناً! فنقول: أفضل شيء هو تطبيق الشرع حتى وإن وجد في نفسه وغضب، فهذا دين الله سبحانه وتعالى، فلابد أن يقول المضيف: أكرمتك ثلاثة أيام وقدمت فروض الطاعة لك، وقد انتهت الثلاثة أيام.
والأنكى من ذلك أن الأسرة في البلد تتفق مع أسرة أخرى أو مع بعضها البعض أن كل ثلاثة أيام يزورون شخصاً! وصلى الله على نبينا محمد.