وإذا كان الأمر كذلك فحديث العنقاء يدور في هذا الفلك وفي هذا المضمار، والعبرة منه كالعبرة من غيره من النصوص، سواء في كتب السلف أو في كتب بني إسرائيل، وقد تحرف أو تصحف في كتاب ابن بطة حيث قال: حديث العقاد، وهو تصحيف، والصحيح: حديث العنقاء.
وعلى أية حال العنقاء أفضل وأحسن من العقاد، فإن العنقاء أفضل من عباس العقاد؛ وما لقب العقاد بهذا اللقب إلا لأنه كان يتعمد عقد مجلسه في ساعة صلاة الجمعة، فصالونه الأدبي الذي كان يعقده فيما يسمى الآن: بمحطة الإسعاف؛ كان يتعمد عقد هذا الصالون الأدبي في ساعة صلاة الجمعة، فكان تاركاً للصلاة ولصلاة الجمعة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات متواليات طبع الله على قلبه)، فكيف بمن تركها طيلة عمره؟! وحديث العنقاء يرويه داود بن أبي هند قال: [كانت العنقاء عند سليمان بن داود وكان سليمان قد علم كلام الطير، وسخرت له الشياطين، وأعطي ما لم يعط أحد، فذكر عنده القضاء والقدر، وكانت العنقاء حاضرة، فقالت العنقاء: وأي شيء هذا القضاء والقدر، ما يغني شيئاً، قيل لسليمان بن داود: إنه يولد بالمشرق جارية ويولد في المغرب غلام في يوم واحد وساعة واحدة، وأنهما يجتمعان على الفجور -الزنا- فقالت العنقاء: إن هذا لا يكون، وكيف يكون وهذا بالمغرب وهذه بالمشرق؟ فقال لها سليمان: إن ذلك يكون بالقضاء والقدر، قالت: لا أقبل ذلك]، وهذا الكلام لا يستقيم مع العقل.
وهناك شخص مجرم سوري ساكن في أمريكا، وأمريكا لا تنضح علينا إلا بالبلاء، واسمه: أنور إسحاق، وهو لا أنور ولا حتى هو إسحاق، وهو ينادي بالتجديد منذ أكثر من عشر سنوات، وهو إنسان جاهل أحمق غبي لا يعرف شيئاً، بل بمجرد أن تراه تلمح فيه الغباء؛ لأن هناك أناساً هكذا؛ أعمالهم تظهر على وجوههم، وهذه سنة، فعندما ترى شخصاً نصرانياً تشعر بأنك تنظر إلى رأس خنزير، وكذلك عندما ترى شخصاً يكتب المحاضرات وراءك تعرف إن كان هذا طالب علم أو طالب شيء آخر، فتميز الاثنين من بعض، وغير ذلك.
فهذا شكله -أستغفر الله العظيم- عليه الغباء، والعجب أنه يدخل في نقاش، وهو من الناس الهمج الرعاع الذين لا علاقة له بالعلم والأدب، وقد التقيت به منذ أربع سنوات هناك ينادي بالتجديد.
ولعلكم تذكرون أني قلت لكم من قبل: وما مظهر التجديد عندك؟ قال: أن يظهر في الأمة من يكذب القرآن ويكذب السنة، ثم نحكم بالرد عليه! فتصور أن هذا مظهر من مظاهر التجديد؛ إذ إنه يظهر في الأمة أناس يطعنون في القرآن ويطعنون في السنة، وهذا يعتبر عندهم مجدد، أرأيت إلى هذه الخيبة؟! وقد فوجئت بأنه كتب كتاباً وأنزله إلى الأسواق، وقد أتتني منه نسخة أمس البارحة، واسمه: جاهلية العنف، والصورة التي على الغلاف هي صورة البرج! واعلم أنه أغبى وأحقر وأقل مما تظن، ويقيناً أن هذا تلقفته الأيدي العابثة التي تعبث بالشرع، وفرصة أن وجدوا لهم ضالة في بقعة من بقاع الأرض، فيصير إنساناً معترضاً على كل شيء، فلا يوجد عنده شيء اسمه: علماء تفسير، ولا شراح أحاديث، ولا رواة للسنة، ولا مصنفين للسنة، وما بقي إلا أن يقول: ولا قرآن، ولا رواة للقرآن! ويرفض أي تفسير للقرآن أو السنة، فهذه السنة قد هدمها من أساسها، لكن القرآن كلام ربنا، فلا يتجرأ على ذلك، لكن هذا الرجل ذكر نموذجاً فقال: لا نريد هذا التفسير، وأخذ مسألة التقوى وأحضر تفسير فلان للتقوى، وفلان للتقوى، وترك تفسير هؤلاء كلهم، وقال: كل هذا كلام فارغ وتخريف ليس له أصل، وقال: أنا سافرت العالم كله، ودخلت مكتبات العالم في أوروبا وأمريكا والبلاد الإسلامية، وقابلت العلماء الكبار مثل الشيخ شحرور! والشيخ شحرور هذا هو رافع لواء الطعن في السنة في سوريا، وهو ليس شيخاً ولا شيئاً من هذا القبيل، وإنما هو رجل مهندس لا علاقة له بالشرع ولا بالدين، وشحرور له كتابات إن لم يكفر بها فعلى الأقل يسقط بها في الطامات، لكن على أية حال تصور أن هذا يقول: أنا قابلت الشيخ شحرور! وسألته عن القدر، فما أقنعني بشيء يشفي غليلي، فعلمت أن الهداية والظلام بيد العبد لا بيد الله! ويحضر لك بآيات من القرآن الكريم، ونحن متفقون على أنه ليس له علاقة بالسنة، فإما أن يأتي بأولها ويترك آخرها، أو يأتي بآخرها ويترك أولها، على عادة أهل البدع كما ذكرنا وكررنا ذلك.
وأنا متأسف أنني ذكرت هذا الكتاب، لكن أريد أن أقول لك: إن أهل البدع يعملون بجد في ضلالهم وعماهم، والله تعالى قد أعمى بصيرتهم وأراد لهم الشقاء والضلال، وأسأل الله تعالى أن يهديهم، فإن كان سبق في علمه أنهم لن يهتدوا فنسأل الله أن يأخذهم ويريحنا منهم.
وهذا الرجل ما جلس إلى رجل محترم من أهل العلم يشار إليه باتباع السنة، وإنما كل من لقيهم إما من أهل البدع، وإما جهال مغمورون لا علاقة لهم كذلك بمناظرات أهل البدع، والواضح أنه لم يق