إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الباب الثالث -أي: من كتاب القدر- باب الإيمان بأن الله عز وجل إذا قضى من النطفة خلقاً كان وإن عزل صاحبها، ومن رد ذلك فهو من الفرق الهالكة].
أي: لو أراد الله عز وجل للنطفة التكوين والخلق مع محاولة صاحبها ألا تكون لكانت؛ لأن إرادة الله تعالى غالبة، وهو القادر على كل شيء، القادر أن يخلق الأشياء بغير سبب، القادر ألا يخلق الأشياء وإن اتخذ الناس الأسباب.
فلو أن رجلاً عزل عن امرأته وقذف ماءه خارج رحمها، وأراد الله عز وجل مع ذلك أن تكون النطفة علقة كانت مهما حاول صاحبها، وإذا أراد الله عز وجل ألا يخلق تلك النطفة وإن لم يعزل صاحبها مائة عام لا تكون.