وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ.:. وَالْقَوْلُ بِالْبَعْضِ هُوَ الْمَنْصُورُ.

إذا قيل صلاة الجنازة واجبة، وخوطب بها المكلفون، من المخاطب؟ هل كل الناس أم بعضهم؟ الخطاب هنا موجه إلى من؟ هل إلى الكل أم إلى البعض؟ هذا فيه خلاف، الجمهور على أنه موجه إلى البعض، بدليل ماذا؟ أنه إذا فعل البعض وامتثل ذلك الواجب سقط عن الباقين، قالوا: لو خوطب الباقون لَمَا سقط عنهم الإثم بفعل الآخرين، والأصح أنه: (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ) عفوا العكس هو الصواب، أن الخطاب هنا موجه للبعض على قول بعض الشافعية وهو اختيار السيوطي كما هنا، (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ* وَالْقَوْلُ بِالْبَعْضِ هُوَ الْمَنْصُورُ)، يعني القول المرجح عند السيوطي أن المخاطب بفرض الكفاية هو من قام بهذا الفعل، ومن عداه ليس مخاطبا بذلك الفعل، والأصح أن الجميع مخاطبون بإيجاد الفعل، (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ) يعني المخاطب بفروض الكفاية الكل، لماذا؟ لما ذكره المصنف هنا، "فلو تركه الكل أثموا"، لماذا؟ لو كان الخطاب موجها للبعض لِمَا يأثم الكل؟ إنما أثموا لكونهم مخاطبين بهذا الفعل، فحينئذ دل على أن الخطاب موجه إلى الكل، (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ) لفوات الغرض، ما هو الغرض؟ وجود الفعل في الجملة، من أدلة الجمهور على أن الخطاب موجه للكل ما ذكره المصنف هنا، " أثموا بالترك" ولا إثم إلا على ترك واجب، أيضا العمومات الواردة في قوله تعالى (ويكاد يكون إجماعا، بل هو إجماع) أن الجهاد في الأصل فرض كفاية، ومع ذلك قال جل وعلا: [وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ {البقرة:190}، (قاتلوا) الواو هذه للعموم، خطاب لمن؟ للكل، وهو فرض كفاية إذا فعله البعض سقط عن الآخرين، إذن عرفنا من هذا أن الواجب ينقسم باعتبار المخاطب إلى قسمين: فرض عين وفرض كفاية، (فرض عين) وهو أن يكون المخاطب به كل واحد بالذات، (وفرض كفاية) أن يكون المخاطب به كل المكلفين فإذا فعله البعض سقط عن الآخرين، ثم ذكر مسألة تتعلق بالواجب وهي: (ما لا يتم الواجب إلا به) قسمان، فلا تقدر، (وما لا يتم الواجب إلا به قسمان) بمعنى أن الواجب قد يكون واجبا لذاته، وقد يكون واجبا لغيره، قال: "وما لا يتم الواجب إلا به قسمان: القسم الأول: إما غير مقدور للمكلف" يعني ليس في قدرته، ولا في سعته، ولا في طاقته تحصيله وإيجاده، لا يستطيع إيجاده هذا الفعل، كالقدرة واليد في الكتابة، القدرة هنا مثلا كالصلاة، نقول الأصل وجود القيام، فإذا عجز ولم يقدر على القيام نقول ماذا؟ سقط عنه القيام؟ لا نقول سقط عنه القيام، نقول لم يجب عليه القيام، لم يتعلق به الوجوب أصلا، لماذا؟ لأن القدرة مع عجزه ليس في قدرته، الاستطاعة أن يقوم فيصلي قائما ليست في قدرته، إذا كان مريضا مكسور الظهر هل يستطيع أن يرفع عن نفسه هذا الشيء؟ لا يستطيع، فحينئذ لا نقول إنه وجب عليه فسقط للعجز، وإنما نقول التعبير الصحيح أنه لم يجب عليه أصلا، "كالقدرة واليد في الكتابة"، لو وجبت عليه الكتابة كالوصية مثلا وهو مقطوع اليدين كيف يكتب؟ هل هو قادر أم عاجز؟ عاجز، هل نقول تعلق به الوجوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015