أما في الاصطلاح فنقول: الواجب له اعتباران: إما أن يُنظَر إليه باعتبار المتعلِّق فحينئذ نقول من حيث كونه حكما شرعيا: ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، ووردت حدود كثيرة في تعريف الواجب في الاصطلاح وأكثرها صحيح، وإن كان يعترض كثير من الأصوليين على كثير منها، لكنها كلها متقاربة والانتقاد قليل ويمكن أن يُجابَ عنه، والذي يمكن أن يناسب هذا المقام أن نقول: الإيجاب هو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، (ما) حكم شرعي، أو خطاب الله، (طلب الشارع) أخرج ما لا طلب فيه وهو الإباحة، أخرج المباح، ليس فيه طلب، (ما طلب الشارع فعله) أخرج ما طلب الشارع تركه وهو الحرام والمكروه، (طلبا جازما) أخرج المندوب، إذن صار هذا الحد على جهة التقريب صار هذا الحد مختصا بالإيجاب، ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، (ما طلب) نقول هذا جنس، (ما) جنس يشمل جميع الأحكام الشرعية التكليفية، (طلب الشارع) أخرج الإباحة أو المباح لأن ليس فيه طلب، استوى فيه الطرفان الفعل والترك، (طلب الشارع فعله) خرج ما طلب الشارع تركه وهو الحرام والمكروه لأنهما مطلوبا الترك والإعدام، (طلبا جازما) ما طلب الشارع فعله = لم يخرج الندب بعد، لأنه مطلوب الفعل، (طلبا جازما) طلبا هذا مصدر، (طلبا جازما) يعني على وجه القطع، بأن رتب الشارع على تركه الوعيد، وهذا أخرج الندب لأنه مطلوب الفعل طلبا غير جازم، بأن لم يرتب الشارع على تركه الوعيد، هنا عرفه من جهة أخرى وهو كونه صفة لفعل المكلف، قال: "واجب" حينئذ نقيده من حيث تعلقه بفعل المكلف، لابد من تقييده لأنه أراد أن يعرف الواجب لكونه حكما شرعيا، قلنا هذا لايصح في هذا الحال، وإنما نعرف الواجب من حيث كونه حكما شرعيا، الذي هو الإيجاب في التعريف السابق، ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، الذي ذكره المصنف هنا على المشهور عند المتأخرين ما يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك، هذا تعريف للواجب من حيث تعلقه بفعل المكلف، لأن الواجب صفة الفعل الذي فعله المكلف وليس هو صفة لكلام الله عز وجل ولا مدلولا لكلام الله عز وجل، إذن الواجب ليس هو الحكم الشرعي عند الأصوليين وليس هو الحكم الشرعي عند الفقهاء، لأن مدلول الحكم الشرعي في (أقيموا الصلاة) عند الفقهاء هو الوجوب لا الواجب، والحكم الشرعي عند الأصوليين هو الإيجاب لا الواجب ولا الوجوب، إذن نقول قوله واجب أي من حيث تعلقه بفعل المكلف، قال: واجب يقتضي الثواب على الفعل، (يقتضي) يعني يترتب عليه، والاقتضاء الأصل فيه الطلب، يعني يطلب ويترتب على فعله وإيجاده الثواب، هذا إذا نظرت فإذا به تعريف للواجب فيه بلازمه، لماذا؟ لأن الثواب والعقاب حكمان مترتبان على تحصيل وإيجاد الواجب، وليس هو عين الواجب، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولذلك يقال في هذا إنه رسم وليس بحد، لأن ذكر الثمرة أو ذكر الحكم نقول هذا من قبيل الرسوم لا من قبيل الحدود، حينئذ نقول إذا ذكر الشيء برسمه بثمرته بحكمه بلازمه نقول هذا فرع عن حقيقة الشيء، (يقتضي الثواب) الثواب والعقاب، الثواب هو الجزاء مطلقا، هكذا في اللغة، الثواب هو الجزاء مطلقا، يعني سواء كان الجزاء بخير على خير أو بشر على شر، ولا يختص الثواب بجزاء