فحينئذ أقام الشارع مقام الاطلاع على النطفة في الرحم أمراً ظاهراً يدل عليه وهو عقد الزواج عقد النكاح، فالعلم في إثبات النسب هو الفراش الذي هو العقد الصحيح لأنه مظنة حصول الجماع ونحوه، فما خلا عن الحكمة فليس بمظنة فما أي الجامع إذا خلا عن الحكمة فليس بمظنة يعني لا يسمى مظنة حينئذ كل مظنة جامع وليس بعكس لأن المظنة شرطهاً وجود الحكمة فإذا انتفت الحكمة نقول هذا جامع وليس بمظنة.
والسبب يعني ما يطلق على الجامع السبب وأصله يعني لم سببا السبب في اللغة كما سبق هو الحبل وكل شيء يتوصل به إلى غيره، وأصله ما توصل به إلى ما لا يحصل بالمباشرة كالحبل في البئر مثلاً هل نستطيع أن تأخذ مباشرة الماء بنفسك؟ لا تستطيع إذاً كل ما توصل به من غير مباشرة فهو سبب، ما توصل به إلى ما لا يحصل بالمباشرة وهنا كذلك لا يمكن أن نتوصل إلى تحريم النبيذ إلا بواسطة سبب وهو الإسكار لذلك سُميت العلة أو الجامع سُميت سبباً لأنه لا يتوصل إلى إيقاع الحكم حكم الأصل على الفرع وهو النبيذ التحريم إلا بواسطة هذا الواسطة هو السبب لا يمكن أن يتوصل به مباشرة كالحبل بالنسبة للماء، والمُتَسَبِّبُ هو المتعاطي لفعله يعني لفعل السبب ليس المؤثر في إخراج الماء هو الحبل نفسه هو السبب بل المُحرك هو المتسبب، وهو هنا في هذا المقام في باب القياس هو ما تُوُصِّلَ به إلى معرفة الحكم الشرعي فيما لا نص فيه والذي لا نص فيه هو الفرع توصلنا بهذا الجامع إلى العلم بحكم الفرع هل هو مباشرة؟ ليس مباشرة إنما كان بواسطة لذلك سُمي سبباً وهو هنا أي في هذا المقام ما تُوصل به إلى معرفة الحكم يعني الطريق إلى معرفة الحكم الشرعي فيما لا نص فيه لأن الحكم الشرعي إنما يُعرَف في الفرع الذي لا نص فيه، وجزء السبب هو الواحد من أوصافه كجزء العلة سبق أن بعضهم يرى أن السبب والعلة بمعنى واحد وهو مراد المصنف هنا ومع العلة قد ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، وجزء السبب إذاً السبب قد يكون مدلوله بسيطاً كما أن العلة قد تكون بسيطاً وقد يكون مركباً كما أن العلة تكون مركبة الإسكار هذا سبب واحد وهو علة واحدة حينئذ هل يمكن تتجزأ؟ لا تتجزأ والقتل العمد العدوان هذا علة مركبة وسبب مركب هل يمكن يتجزأ؟ يمكن أن يتجزأ إذاً يصح أن نقول العدوان جزء العلة وليست كل العلل كذلك نقول العدوان جزء السبب لماذا؟ لأن السبب بمعنى العلة هنا قال وجزء السبب أي السبب كالعلة يتركب من عدة أوصاف في بعض أحوالها كذلك كما قلنا جزء العلة نقول جزء السبب وجزء السبب هو الوصف الواحد من أوصافه كجزء العلة كالعدوان من قوله القتل العمد العدوان.
ومن ألقاب الجامع المقتضي اسم فاعل من اقتضى وهو لغة طالب القضاء ليس طلب القضاء مُقتضي بكسر الضاد اسم فاعل فحينئذ يكون هو الطالب وليس هو الطلب الطلب هذا معنى الاقتضاء وليس معنى المقتضي، والمقتضي اسم فاعل من اقتضى وهو لغة طالب القضاء فيطلق هنا على الجامع لاقتضائه ثبوت الحكم الشرعي كالإسكار يقتضي تحريم الخمر إذاً العلة والجامع يسمى مقتضياً مقتضي لأنه يطلب الحكم فيُطلق هنا لاقتضائه ثبوت الحكم.