من غير أن يشهد لها أصل شرعي أي نص معين باعتبار ولا إلغاء ولكنها تُفهَم من مقاصد الشريعة وعموماتها وهذه المصلحة التي لم يشهد لها أصل هذا في الاعتراف بها نزاع عند الأصوليين بعضهم يرى أنه ليس في الشرع مصلحة إلا وقد أمر الرب جل وعلا بمقتضاها لعموم قوله تعالى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} فكل مصلحة في جلب منفعة فهي داخلة في قوله تعالى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} وكل مصلحة في دفع مفسدة فهي داخلة في قوله {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} وعليه لا اعتبار بهذا الأصل أولا وانتهاءاً، ولذلك شيخ الإسلام له كلام يقول من اعتبر مصلحة لم يدل الدليل على اعتبارها فهو إما أنه قد اعتبر مصلحة ما ليس بمصلحة أو اعتبر ما ليس بمصلحة أنه مصلحة وإما لقصور في فهمه ونظره وهذا يؤديه الشيخ الأمين في شرح هذا الكتاب، لكن على ما ذكره المصنف أو المشهور هنا قال وهي إما ضرورية وإما حاجي أو تحسيني، المصلحة من حيث هي إما أن تكون مصلحة لدرأ المفاسد وهذه عنون لها الأصوليون بالضروريات الخمس سيذكرها المصنف هنا وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل والنسب هذه ستة بعضهم يجعل بدل العرض النسب وبعضهم يجعل النسب بدل العرض وبعضهم يزيد النسب على العرض وهذا الشيخ الأمير يقول لابد منه لأن ثم فرق بين النسب والعرض حينئذ صارت ستة الدين والنفس والمال والعرض والعقل والنسب إذاً درا المفاسد مصلحة درأ المفاسد وشُرع لها حفظ الضروريات الخمس أو الست هذه مصلحة الثاني مصلحة جلب المصالح جلب المنافع وشُرع لها ما يرفع الحرج عن الأمة وهو ما يسمى عندهم بالحاجيات يعني دون الضروريات الضروريات لابد منها قد يحصل خلل في المجتمع أو في علاقات الناس بعضهم ببعض عند فوات هذه الضروريات وأما الحاجيات لا الدين والنفس والعقل إلى آخره تكون محفوظة وإنما يكون فيما زاد على ذلك فيما يحتاجه الناس في المعاملات ونحوها، الثالث الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وهذا ما يُعرَف بالتحسينيات كخصال الفطرة وتحريم المستقذرات ونحو ذلك يسميها بعضه التميمات إذاً المصالح من حيث هي إما جلب مصلحة وإما درا مفسدة وإما مكملات وتحسينات، جلب المصالح هذا معنون له بالحاجيات ودرأ المفاسد هذا معنون له بالضروريات ومكارم الأخلاق والجري على محاسن العادات هذا ما عنون له بالتحسينات. هل المصلحة المرسلة تدخل هذه الأنواع الثلاثة أم لا؟ هذا محل نزاع.